خاصة وإنما انفردوا بغير ذلك.
وحكي عن أحمد بن حنبل أنه ذهب إلى: أن المسلم إذا قتل يهوديا أو نصرانيا خطأ لزمه نصف الدية وإن قتله عمدا لزمه كمال الدية.
دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتردد وأنه قد ثبت أن المؤمن لا يقتل بالكافر، وكل من قال من الأمة: بأن المؤمن لا يقتل بالكافر، قال: بأن ديته دون ديته، وإن اختلفوا في المبلغ.
وإذا ثبت أن ديته ناقصة عن دية المسلم فالكلام بيننا في مبلغ هذا النقصان وبين من وافقنا في جملة النقصان على ما قيل وإن خالف في التفصيل، وإذا كنا نرجع في أن النقصان على ما ذكرناه إلى طرق توجب العلم فقولنا أولى ممن عول في هذا النقصان على ما يوجب الظن من قياس أو خبر واحد.
فإن احتج المخالف بقوله تعالى: ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله، ثم قال: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله، وظاهر الكلام يقتضي أن الدية واحدة.
قلنا: لا شبهة في أن ظاهر الكلام لا يقتضي التسوية في مبلغ الدية وإنما يقتضي التساوي في وجوب الدية على سبيل الجملة، ودية الذمي عندنا وإن نقصت عن دية المسلم تسمى في الشريعة دية، ألا ترى أنه غير ممتنع أن يقول القائل: من قتل مسلما فعليه دية ومن قتل مسلمة فعليه دية، وإن اختلفت الديتان في المبلغ إذا تساويا في كونهما ديتين.
ومما يمكن أن يحتج به لصحة ما نذهب به أن الأصل في العقول براءة الذمة من الدية وسائر الحقوق، وقد ثبت أنا إذا ألزمنا المسلم في قتله لليهودي ثمانمائة درهم فقد ألزمناه ما لا شك في لزومه له، وما زاد على ذلك من ثلث أو نصف أو مساواة لدية المسلم هو بغير يقين مع الخلاف فيجب أن يثبت ما ذكرناه من المبلغ لأنه اليقين دون ما عداه.
وإن احتجوا بما رواه عمر وابن حزم عن النبي ص أنه