فإن قيل: على من تجب الدية أو الرقبة؟
قلنا: على القاتل إلا أن الرقبة في ماله على كل حال، والدية إن كان أقر هو على نفسه بذلك فعلى ماله أيضا على الأحوال، وإن كان بإقامة البينة عليه بذلك فالدية يتحملها عنه العاقلة، فإن لم يكن له عاقلة أو كانوا ولم يكن لهم مال ففي ماله، وإن لم يكن يستسعي، وإن لم يكن ففي بيت المال.
" إلا أن يصدقوا " عليه بالدية، ومعناه العفو.
فإن قيل: بم يتعلق " أن يصدقوا " وما محله؟
قلنا: يتعلق بعليه أو بتسليمه كأنه قيل: ويجب عليه الدية أو تسليمها إلا حين يتصدقون عليه، ومحلها النصب على الظرف بتقدير خلاف الزمان كقولهم: اجلس ما دام زيد جالسا، ويجوز أن يكون حالا من أهله بمعنى إلا يتصدقن.
مسألة:
قوله: وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين، المعطوفات كلها قرئت منصوبة ومرفوعة، والرفع للعطف على محل أن النفس لأن المعنى وكتبنا عليهم النفس بالنفس، إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا وإما لأن معنى الجملة التي هي قوله " النفس بالنفس " ما يقع عليه الكتب كما يقطع عليه القراءة وكذلك قال الزجاج: لو قرئ " إن النفس بالنفس " بالكسر لكان صحيحا أو الاستئناف، والمعنى فرضنا عليهم فيها أن النفس مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلها بغير حق.
وكذلك العين مفقوءة بالعين والأنف مجدوع بالأنف والأذن مقطوعة بالأذن والسن مقلوعة بالسن والجروح ذات قصاص وهو المقاصة، ومعناه ما يمكن فيه القصاص ويعرف المساواة.