والدليل على صحته إجماع الطائفة ولأن ما ذكرناه أشبه بالعدل.
والذي يدل على الفصل الأول - زائدا على الاجماع - قوله تعالى: ولكم في القصاص حياة، ومعنى هذا أن القاتل إذا علم أنه قتل قتل كف عن القتل وكان ذلك أزجر له وكان داعيا إلى حياته وحياة من هم بقتله، فلو أسقطنا القود في حال الاشتراك سقط هذا المعنى المقصود بالآية وكان من أراد قتل غيره من غير أن يقتل به شارك غيره في قتله وسقط القود عنهما.
ويمكن أن يستدل أيضا على من خالف في قتل الجماعة بواحد بقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم، والقاتلون إذا كانوا جماعة وكلهم معتد فيجب أن يعاملوا بمثل ما عاملوا به القتيل.
فإن قالوا: الله تعالى يقول النفس بالنفس والحر بالحر وهذا ينفي أن يؤخذ نفسان بنفس وحران بحر.
قلنا: المراد بالنفس والحر ههنا الجنس لا العدد فكأنه تعالى قال: إن جنس النفوس يؤخذ بجنس النفوس وكذا جنس الأحرار، فالواحد والجماعة يدخلون في ذلك.
فإن قيل: قد ثبت أن الجماعة إذا اشتركوا في سرقة نصاب لم يلزم كل واحد منهم قطع وإن كان كل واحد منهم إذا انفرد بسرقته لزمه القطع، فأي فرق بين ذلك وبين القتل مع الاشتراك؟
قلنا: الذي نذهب إليه - وإن خالفنا فيه الجماعة - أنه إذا اشترك نفسان في سرقة شئ من حرز وكان قيمة المسروق ربع دينار ويكون أيديهما عليه فإنه يجب عليهما القطع معا وقد سوينا بين القتل والقطع، ولهذه المسألة تفصيل ذكر في بابه.
فصل:
واختلف أهل التأويل في قوله تعالى: من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا.
قال الزجاج: معناه أنه بمنزلة من قتل الناس جميعا في أنهم خصومه في قتل ذلك الانسان.