" إلا أن يصدقوا " معناه يتصدقوا، وهو في قراءة أبي فأدغمت التاء في الصاد لقرب مخرجهما.
فصل:
وقوله تعالى: فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة، يعني إن كان هذا القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم هم أعداء لكم مشركون وهو مؤمن فعلى قاتله تحرير رقبة مؤمنة.
واختلفوا في معناه:
فقال قوم: إذا كان القتيل في عداد أعداء وهو مؤمن بين أظهرهم لم يهاجر فمن قتله فلا دية له وعليه تحرير رقبة مؤمنة لأن الدية ميراث وأهله كفار لا يرثونه، هذا قول ابن عباس.
وقال آخرون: بل عني به من أهل الحرب من تقدم دار الاسلام ثم يرجع إلى دار الحرب، فإذا مر بهم جيش من أهل الاسلام فهرب قومه وأقام ذلك المسلم بينهم فقتله المسلمون وهم يحسبونه كافرا.
ثم قال: وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة، معناه إن كان القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم بينكم وبينهم أيها المؤمنون ميثاق - أي عهد وذمة - وليسوا أهل حرب لكم فدية مسلمة إلى أهله تلزم عاقلة قاتله وتحرير رقبة مؤمنة على القاتل كفارة لقتله.
واختلفوا في صفة هذا القتيل الذي هو من قوم بيننا وبينهم ميثاق أ هو مؤمن أم كافر؟
فقال قوم: هو كافر إلا أنه يلزم قاتله ديته لأن له ولقومه عهدا، ذهب إليه ابن عباس.
وقال آخرون: بل هو مؤمن فعلى قاتله ديته يؤديها إلى قومه من المشركين لأنهم أهل ذمة، وهو المروي في أخبارنا إلا أنهم قالوا: يعطي ديته ورثته المسلمين دون الكفار.
والميثاق: العهد، والمراد به ههنا الذمة وغيرها من العهود.
والخطأ: هو أن يريد شيئا فيصيب غيره