وإذا جامع ليلا كان كفارة واحدة. وإن أكره زوجته وهي معتكفة نهارا كان عليه أربع كفارات، وإن أكرهها وهي معتكفة ليلا كان عليه كفارتان، والكفارة هي التي تلزم المجامع نهارا في شهر رمضان.
وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك ولا يلزمون مفسد اعتكافه شيئا سوى القضاء. وذهب الزهري والحسن إلى أنه: إن وطئ في الاعتكاف لزمته الكفارة، وهذا القول يوافق من وجه قول الإمامية، إلا أننا ما نظنهما كانا يذهبان إلى أن الكفارة تلزم في الوطء بالليل كما ذهبت الإمامية إليه.
دليلنا الاجماع المتقدم وطريقة الاحتياط ولأن المعتكف قد لزمه حكم متى أفسد اعتكافه بلا خلاف، وإذا فعل ما ذكرناه برئت ذمته بيقين وبلا خلاف، وليس كذلك إذا قضى ولم يكفر.
مسألة:
ومما انفردت به الإمامية القول: بأن الاعتكاف لا يكون أقل من ثلاثة أيام، ومن عداهم من الفقهاء يخالفون في ذلك، لأن أبا حنيفة والشافعي يجوزان أن يعتكف يوما واحدا وقال مالك: لا اعتكاف أقل من عشرة أيام.
دليلنا على ما ذهبنا إليه الاجماع المتكرر، وأيضا فإن مقادير أزمنة العبادات لا تعلم إلا بالنص وطريقة العلم وما تقوله الإمامية من الزمان مستند إلى ما هذه صفته، وما يقوله مخالفها يستند إلى طريق الظن، والظن لا مجال له فيما جرى هذا المجرى.
فتعلق مالك بأن النبي صلى الله عليه وآله اعتكف في العشر الأواخر ليس بشئ لأن اعتكافه صلى الله عليه وآله عشرة أيام لا يدل على أنه لا يجزئ أقل منها.
وتعلق من حده بيوم أو أقل من ذلك بقوله: ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد، فإن الظاهر يتناول الزمان الطويل والقصير غير صحيح، لأن الاعتكاف اسم شرعي.
ومن ذهب إلى أنه ما انتقل بالشرع وأنه اسم للبث المقصود بالعبادة يجعل له شروطا شرعية تراعى في إجراء الاسم عليه فلا بد من رجوع إلى الشرع إما في الاسم أو في شروطه، والله تعالى نهى عن المباشرة مع الاعتكاف، فمن أين لهم أن ما يكون في أقل من ثلاثة