وكذا فقال: صدق يا با محمد إن الماء لا يحل المسكر فلا تشربوا منه قليلا ولا كثيرا (1).
وعن عمرو بن مروان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن هؤلاء ربما حضرت معهم العشاء فيجيئون بالنبيذ بعد ذلك فإن لم أشربه خفت أن يقولوا:
فلأني. فكيف أصنع؟ فقال: اكسره بالماء قلت: فإذا كسرته بالماء أشربه؟
قال: لا (2).
ترى في الرواية الأولى أن الإمام عليه السلام في جواب السؤال عن قدح مسكر يصب عليه الماء يقول: لو وقعت قطرة منه في حب من ماء يجب إراقته.
ومن المعلوم أن السؤال لم يكن عن جهة النجاسة والطهارة وإنما العناية في السؤال على جهة إسكار هذا المسكر، وهذا ظاهر في أن الشرب من ماء هذا الحب يوجب الحد والحال أن القطرة من المسكر يضمحل ويستهلك في حب من الماء.
كما أن مقتضى الرواية الثانية أيضا الحرمة وإن امتزج بالماء وأن ذلك لا يوجب حليته ولا أثر لكسر سكره بالماء في ما يترتب على شربه.
وأما أن أبا بصير كان يشرب من النبيذ بعد أن كان يكسره بالماء مع أنه من رواة الأخبار المشاهير ومن حفاظ الأحاديث عن أئمتنا المعصومين سلام الله عليهم أجمعين فلعله لشيوع شربه بين العامة وأهل الخلاف فآل الأمر إلى أن أبا بصير أيضا قد تخيل حله. ويمكن أن يكون شربه من جهة اجتهاده الشخصي وأنه كان يرى أن كسر سكره وعاديته يذهب بحرمته.
وكيف كان فظاهر نهيه عليه السلام هو الحرمة وكذا ترتب الحد عليه.
كما أن الرواية الثالثة أيضا تتضمن نهي الإمام عليه السلام عن شرب النبيذ بعد كسره بالماء وظاهر هذا أيضا أن العناية على جهة إسكاره وأثره وهو الحرمة