أما إذا اضمحل فيما اختلط به كما إذا صب وألقي قطرة خمر في حب من ماء بحيث لم يبق منه بعد ذلك عين ولا أثر فهل يمكن القول بترتب الحد على شربه؟
والحال أنه لا يصدق عليه أنه شرب الخمر وإنما يصدق عليه أنه شرب الماء، كما ترى أنه لا يجوز التوضي بالدبس مثلا أما إذا صب قطرة منه في الماء فإنه يجوز التوضي به لصدق التوضي بالماء المطلق، والأحكام مترتبة على الأسماء والعناوين.
ولذا أشكل الأردبيلي امتزاج قطرة من خمر مثلا بحب من ماء بعدم صدق شربها ولذا لم يحنث من حلف أن لا يشرب الخل أو لا يأكل الدهن أو التمر بشرب السكباج وأكل الطبيخ الذي فيه دهن غير متميز وأكل الحلوى التي فيها التمر انتهى.
وهكذا كاشف اللثام فإنه بعد ذكر الحكم بالحد بتناول قطرة من المسكر وإن كان بمزجها بالغذاء أو الدواء قال: وإن لم يتناوله ما في النصوص من لفظ الشرب فكأنه إجماعي. وما يمكن أن يقال في حل الاشكال وجوه:
أحدها: إن الحكم إجماعي ولولاه كان مقتضى القاعدة عدم ترتب شئ أصلا وهذا هو الظاهر من كلام كاشف اللثام.
ثانيها: ما أفاده بعض كصاحب الجواهر وهو أن المحرم ذاتا لا من حيث الاسم لا يتفاوت الحال بين قليله وكثيره بخلاف متعلق اليمين الذي مدار الحكم فيه على صدق الفعل فإذا حلف مثلا على عدم شرب الخل فإنه لم يحنث بشرب السكباج وليس عليه شئ وذلك لتعلق الحلف على ترك شرب الخل وهو يدور مدار صدق الاسم وعنوان شرب الخل وهو غير صادق لأنه شرب شيئا آخر وإن كان الخل أيضا ممزوجا في هذا المايع بخلاف ما إذا تعلقت الحرمة بذات الشئ فإنه في أي مورد كان وبأي صورة وقع سواء كان خالصا أو ممتزجا بشئ آخر قليلا كان أو كثيرا فإنه حرام، صدق على تناوله الشرب أم لا فإن الملاك هو وروده في البطن ودخوله في الجوف وإن كان في ضمن مايع أو محلول