قال المحقق قدس سره: ولو ادعى المقذوف الحرية وأنكر القاذف فإن ثبت أحدهما عمل عليه وإن جهل ففيه تردد أظهره أن القول قول القاذف لتطرق الاحتمال.
أقول: وجه التردد كما في الجواهر أصل الحرية وأصل البراءة ولذا كان للشيخ في المسألة قولان فاختار في الخلاف تقديم قول القاذف عملا بأصالة البراءة من ثبوت الزائد على الأربعين.
لكنه في المبسوط لم يقدم أحدهما بل نقل القولين في مثل المسألة (1) وعلل تقديم قول القاذف بما ذكر وتقديم قول المقذوف بأصالة الحرية قال: وهما جميعا قويان.
وفي المسالك: والأقوى ما اختاره المصنف من تقديم قول القاذف لتعارض الأصلين المقتضي لقيام الشبهة في الزائد فيسقط.
ولنا مع هؤلاء الأعلام الأفذاذ كلام وهو أنه لا مجال في المقام لجريان البراءة وذلك لأن أصالة الحرية لا تخلو عن كونها إما عاما وأمارة كما هو الحق وإما أصلا بلحاظ حال الشك.
فعلى الأول فهي قاعدة كلية وعام كالعمومات الأخرى فكل إنسان حر إلا أن يعرضه ما أوجب عبوديته فلم يخلق الله تعالى الانسان عبدا إلا في خصوص ما إذا كان الأبوان مملوكين مثلا إن لم نقل في خصوص هذا الفرد أيضا بأن كون الأبوين مملوكين أيضا من جملة الأسباب الطارئة كما أن استصحاب العبودية الثابتة في حق الأبوين بالنسبة إلى الولد غير صحيح لاختلاف الموضوع.
وعلى الجملة فالمقام من قبيل العام والخاص لأن كل أحد فهو حر إلا إذا ثبت عبوديته بواحد من الطوارئ والعوارض فالحرية لا تحتاج إلى دليل وإنما المحتاج إليه هو العبودية فهذا حكم واقعي عام وأمارة يؤخذ بها ويعمل على وفقها