البلوغ والعقل في القاذف.
ويدل على عدم حد الصبي إذا قذف غيره حديث رفع القلم فإنه يدل على أنه لا تكليف عليه إذا فلا يقام عليه هذا الحد ولا غيره من الحدود.
ولا يخفى عليك أن مقتضى رفع القلم الذي معناه رفع قلم التكليف أنه لا عقاب عليه ولا تكليف إلا أنه لا يدل على رفع ما كان مقدمة لترك المعصية في القابل وإلا فلما ذا حكم بتعزيره؟ ومن المعلوم أن حديث الرفع ليس مما يقبل التخصيص بل هو بظاهره آب عن ذلك فلا بد من عدم شموله من أول الأمر لذلك.
واستشكل بعض المعاصرين قدس سره في دلالة حديث الرفع على اعتبار البلوغ وعدم الحد على الصبي بأن رفع التكليف لا يلازم رفع الحد قال: أما التمسك بحديث الرفع فمع ثبوت التعزير والتأدب عليه لا يخلو عن الاشكال وبعبارة أخرى يمكن أن يقال: إن القذف سبب لاستحقاق الحد وإن كان جائزا كما لو اجتمع أربعة شهود على الشهادة بالنسبة إلى رجل بالزنا واتفق تردد واحد منهم وقت الشهادة فالثلاثة معذورون في الشهادة لجوازها باعتقادهم ومع ذلك يحدون فسقوط التكليف لا يوجب سقوط الحد كلزوم الجنابة من جهة المباشرة قبل البلوغ فتأمل (1).
لكن الظاهر عدم ورود ما أورده، وذلك لأن العرف يفهم من التكليف رفع الحد أيضا وإن أمكن التفكيك بينهما عقلا.
وأما ما أفاده من النقض ففيه أنه فرق بين المقام وبين مادة النقض أي الثلاثة الذين شهدوا مع تردد الرابع الذي حكموا فيه بحد الثلاثة.
بيان الفرق أنهم كانوا على يقين من جواز الشهادة حيث كانوا يرون تمام الشهود فقد أقدموا على إقامتها من باب الجهل المركب لأنهم كانوا يعتقدون كونهم موضوعا للشهادة مع عدم كونهم في الواقع، موضوعا فلم يكن يجوز لهم