المعاصي بعنوان الحدود وفي قسم منها بعنوان التعزير فعلى الحاكم أن يمنع من ترك الواجبات واقتراف المحرمات بالطريق المقرر المجعول بلا شبهة وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عندما لم يكن من موارد الحد والتعزير المنصوصة في لسان الكتاب أو السنة وأما أنه هل أجاز جعل طريق آخر لذلك مع أنه لم يرد دليل من الشارع فهو مشكل.
وبتعبير أوضح من هذا: إن دفع الاختلال الواجب عقلا إذا أمكن بإجراء ما قرره الشارع وإقامة مقرراته فلا يمكن القول بدفعه من طريق آخر غير واصل من الشارع الحكيم فإن مجرد حكم العقل بلزوم حفظ النظام ودفع ما يخل به لا يقتضي ذلك أصلا.
اللهم إلا أن يثبت للحاكم ولاية مطلقة تشمل جعل الأحكام أيضا وهو مشكل بالنسبة إلى النبي والأئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين فضلا عمن سواهما.
ومما ذكرنا في هذا المقام يتضح الأمر في كيفيات التعزيرات وأنه هل يجوز التعدي عما ورد إلى مطلق ما يوجب ردعه عن المعصية ويؤثر في حفظ النظام كالحبس والجريمة المالية وغير ذلك؟.
فإن الظاهر عدم ذلك لأن الفقيه ليس بيده الجعل وإلا فلو فرض في مورد أن قطع أذن السارق أنفذ وأشد تأثيرا من قطع يده المذكور المقرر في القرآن الكريم، أو أن أخذ مبلغ كثير من الزاني كان أشد تأثيرا عليه من جلده مأة، لكان اللازم أن نقول: إن له أن يعدل من قطع اليد إلى قطع الأذن ومن الجلد إلى أخذ مال كثير منه، وهل يمكن الالتزام بذلك والتفوه به؟.
فتحصل أنه لو نص في موارد على حد معين وعقوبة خاصة فهو، كما أنه في موارد قرر الشارع فيها تعزيرا خاصا أو أنه أوجب أو أجاز الحبس أو حكم بالكفارة التي هي نوع جريمة مالية، يقال بمقتضاها أما في غير ذلك فلا بد من الأخذ بالمقرر العام وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا مجال للتمسك