واما الكره فحكمها يعرف بالمقايسة إلى ما ذكر من حكم الدائرة فقد انتظم انه كلما صح القول بالدائرة أو الكره لم يصح القول بالجزء لكن المقدم حق أو كلما صح القول بالجزء لم يصح القول بهما لكن التالي باطل.
فإذا تقرر ذلك فاعلم أن طريق اثبات الحقائق اما البرهان والحكمة و اما المجادلة (1) بالتي هي أحسن ففي الأول الغرض اثباتها مطلقا تحصيلا للمبرهن ما هو كمال نفسه سواء صدقه غيره أم لا وفي الثاني (2) اصلاح المدينة ومصلحة الناس في هدايتهم إلى الحق وارشادهم وصيانتهم عن الباطل في العقائد.
وكثير من الباحثين أهملوا في شرائط المباحثة مثل انهم إذا حاولوا اقامه الحجة على نفى الجزء بطريق قياس الخلف استدلوا عليهم بوجود الدائرة بان قالوا على تقدير وجود الدائرة وتركبها من الاجزاء يلزم الانقسام.
فلهم ان يجيبوا عنه بان الانقسام وإن كان محالا عندنا لكن ثبوته على فرض امر مستحيل ليس بمحال وذلك الامر وجود الدائرة لأدائها إلى انقسام الجزء فاما إذا أقيم البرهان على وجود الكره والدائرة بأصول فلسفية مبتنية على اثبات الطبايع في الأجسام وايجابها للاشكال المستديرة بالقوابل البسيطة فذلك وإن كان تماما في نفسه لكن ليس نافعا في حقهم لانكارهم تلك الأصول المبتنية على نفى الفاعل المختار على زعمهم.