ففي الأول يفرض جوهر فرد بين جوهرين فردين فإن كان يحجز عن المماسة بين الطرفين فينقسم إذ يلقى كل منهما منه غير ما يلقى الاخر وان لم يكن حاجزا فاستوى وجود الوسط وعدمه وهكذا الحكم في كل وسط فلم يبق حجاب في العالم ولا تقدر وحجم فالتداخل مستحيل.
وفي الثانية يفرض جوهر فوق اثنين وعلى ملتقاهما فان لقي بكله أو ببعضه كل كليهما فيتجزى أو بكله كل أحدهما فقط فليس على الملتقى وقد فرض عليه وان لقي بكله أو ببعضه من كل منهما شيئا فانقسم وانقسما جميعا.
والاحتمالات ترتقي إلى عشره كما صوره بعض من المشتغلين بالتدقيق.
ومن الحجج في هذا الطريق انه إذا انضم جزء إلى جزء فاما ان يلاقيه بالكلية بحيث لا يزيد حيز الجزئين على حيز الواحد فيلزم ان لا يحصل من انضمام الاجزاء حجم ومقدار فلا يحصل جسم أولا بالكلية بل لشئ دون شئ فيكون له طرفان وهو معنى الانقسام وهذه الحجة أخف مؤنه من السابقتين في نفى التركب من تلك الجواهر.
واما في نفى الجوهر الفرد مطلقا فلا أخف مما ذكر أولا قبلهما.
ومنها انا نفرض صفحه من اجزاء لا يتجزى له الطول والعرض دون العمق فإذا أشرقت عليها الشمس أو وقعت في شعاع بصر حتى يكون وجهها المضي ء أو المرئي غير الوجه الاخر فينقسم.
واما الطريق الثاني المبتنى على الاشكال والزوايا والأوتار فوجوه هذه الطريق كثيره كما يظهر على المتأمل في كتاب أقليدس الصوري.
ونحن قد ذكرنا في شرحنا للهداية الأثيرية قسطا صالحا من البراهين المبتنية على القوانين الهندسية الدالة على اتصال الجسم وقبوله للانقسامات بلا نهاية من أراد الاطلاع عليها فليرجع إليه