من الوجوه أصلا فهذا مما يحرم في شريعة العقل ويجزم بديهة العاقل ببطلانه.
والذي يوجب التنبيه عليه ان الشئ الذي له مماسات إلى أمور مختلفه بعينها إذا كان له انقسام بالفعل لكان كل من اجزائه مختصا بملاقاة امر واحد من تلك الأمور المختلفة دون غيره بحيث يستحيل ان يكون الجزء الملاقى لهذا عين الجزء الملاقى لذلك فقد علم من ذلك أن تخالف النسبة الوضعية وتعددها مما يوجب تخالف المنسوب والمنسوب إليه جميعا.
ولهذا عد الحكماء الوضع من الأمور المتكثرة والمكثرة بذاتها لان طبيعته تقتضي التغاير ولو وهما فالشئ الواحد من حيث هو واحد كما لا يمكن ان يكون ذا أوضاع متعددة كذلك لا يجوز ان يكون له بما هو واحد نسب مختلفه أو متعددة إلى أشياء ذوات أوضاع مختلفه من غير عروض كثره وتعدد في ذاته يصحح ثبوت هذه النسب الكثيرة.
واما تجويز تعدد النهايات والأطراف لشئ واحد ذي وضع من غير أن يتطرق إليه بحسبها كثره واثنينية لا في الخارج ولا في الوهم فهذا أشد سخافة وأوغل نزولا في الباطل وابعد بعادا عن الحق.
اعلم أن للحكماء في باب اتصال الجسم ونفى تركبها عن الجواهر الفردة حججا قويه ووجوها اضطراريه موجبه لوجود المتصل الجوهري ولهم في هذا الباب طرق متعددة.
فمنها ما يبتنى على أن تعدد جهات الجوهر المتحيز ونهاياته يوجب الانقسام.
ومنها ما يبتنى على الاشكال الهندسية.
ومنها ما يبتنى على الحركات والمسامتات.
ومنها ما يبتنى على الظلال اما الطريق الأول فالمشهور منها في الكتب حجتان خفيفتا المؤنة لعدم ابتنائهما على اثبات الكره والدائرة والمثلث ونظائرها ولا على حركه والزمان وأشباههما.