فنقول من شان الجسم المضئ بذاته أو المستنير الملون ان يفعل في الجسم الذي يقابله إذا كان قابلا للشبح قبول البصر وبينهما جسم لا لون له تأثيرا هو صوره مثل صورته من غير أن يفعل في المتوسط شيئا إذ هو غير قابل لأنه شفاف.
هذا ما ذكره في هذا الموضع وقد ذكر هذا المعنى أيضا في الفصل المشتمل على المقدمات التي يحتاج إليها في معرفه الهالة وقوس قزح ولا يخفى ان ذلك منه مبالغة في بيان ان الفعل والانفعال بين الأجسام لا يتوقف على الملاقاة والمماسة مع أنه تصدى في فصل حقيقة المزاج لإقامة البرهان على أن الفعل والانفعال لا يتمان الا باللقاء والتماس.
وانه ليكثر تعجبي بوقوع أمثال هذه المناقضات الظاهرة لهذا الشيخ قال ومن الاشكالات ان الشمس تسخن الأرض مع أنها لا تسخن الأجسام القريبة فإنها لا تسخن الأفلاك وكذا تضئ الأرض مع أنها لا تضئ الأجسام التي تتوسط بينها وبين الأرض لأنها شفافه فإذا كان كذلك فكيف يجوز للرجل الذكي مع هذه الاشكالات ان يجزم بان الفعل والانفعال لا يتمان الا باللقاء والتماس انتهى كلامه.
أقول هذا الرجل سريع المبادرة إلى الاعتراض على مثل الشيخ ونظرائه قبل الامعان في المبحث لعجلة طبعه وطيشه والعجلة من فعل الشيطان اما نسبه التناقض في الكلام إلى الشيخ فغير مسلم فان الذي منع فيه وجوب اللقاء والتماس هو مطلق التأثير والتأثر بين الجسمين والذي أوجب فيه ذلك تأثير وتأثر مخصوصان كالتسخين والتسخن ولا تناقض بين وجوب حكم على نوع مخصوص وعدم وجوبه على نوع آخر.
إذ ربما يكون نحو التأثير والتأثر مختلفا فيه في الموضعين فان الفعل قد يكون دفعيا وقد يكون تدريجا وكذا الانفعال فالذي أوجب فيه الملاقاة هو الانفعالات التدريجية التي من باب الحركات والاستحالات ولا بد فيها من مباشره الفاعل المحرك للقابل المتحرك ومن هذا القبيل فعل العناصر بعضها وفي بعض في الأمور