ونحن لم نجد إلى الان برهانا يعطى الحاجة إلى تركيب العناصر وتصغرها وتلاقيها في حصول المسمى بالمزاج بل الحجج قائمه على خلاف ما قرروه والاشكالات ناهضه في هدم ما أصلوه اما الاشكالات فمشهورة أشهرها ان هيهنا أمورا ثلاثة الكاسر والمنكسر والانكسار اما المنكسر فليس هو الكيفية لما بين ان الكيفية الواحدة لا يعرض لها الاشتداد والتنقص بل انما يعرضان لموضوعها واما الكاسر فليس هو الكيفية أيضا والا لزم ان يكون المكسور يعود كاسرا بعد صيرورته مكسورا أو يكون حين انكساره كاسرا وحين كسره مكسورا كما فصل بيان بطلانه فبقي ان الكاسر هو الصورة والمنكسر هو المادة وهذا مشكل بوجهين أحدهما ان الماء الحار إذا امتزج بالماء البارد واختلطا انكسر البارد بالحار وليس هيهنا صوره مسخنة هي مبدء التسخين بذاتها والثاني ان الصورة وان كانت فاعله ففعلها بتوسط الكيفية كما أن تحريك الطبيعة بتوسط الميل ولأجل ذلك الصورة المائية يفعل فعل التسخين بواسطة سخونتها فحينئذ يعود الاشكال المذكور في كون الكاسر هو الكيفية من لزوم كون المنكسر كاسرا وكذا الامر من جهة القابل فان المادة وإن كان شانها الانفعال مطلقا لكن لا يستعد بالفعل لقبول الامر الا بتوسط كيفية قائمه بها والا لكان كل مادة يقبل كل شئ فيعود الاشكال في كون المنكسر هو الكيفية.
ولك ان تقدح في الوجه الأول بأنه كما أن فاعل حركه القسرية بالذات هو طبيعة المقصور لأجل حدوث حاله غريبه يعدها لا القاسر فهيهنا أيضا إذا تسخن الماء بالنار قسرا فمفيد تلك السخونة في جسمية الماء ليس هو طبيعة النار لأنها معدة والمعد ليس من الأسباب الذاتية كما سبق بيانه في مباحث العلل بل الصورة المائية هي المعطية للسخونة الموجودة في الماء ولذلك قد يبقى تلك السخونة مع فساد تلك النار التي من جهتها حصلت السخونة لكن الوجه الثاني سالم عن القدح واما الحجج فمنها ان الحكماء المشائين ذهبوا إلى أن الجسم النوعي إذا تصغر في الغاية