لم يبق له صورته الخاصة النوعية بل الذي يبقى له حينئذ هو الصورة الامتدادية فقط ولا شك انه إذا بطلت صورته بطلت كيفيته التابعة لها واتصلت مادته بمادة ما يجاوره فيصير المجموع مصورا بصوره واحده نوعيه فظهر من هذا المذهب ان القول بحصول المزاج من جهة تصغر العناصر وتماس بعضها بعضا مع بقاء صورها المتخالفة ليس بصحيح.
ومنها ان كل واحده من العناصر متداعية إلى الافتراق والميل إلى الأحياز الطبيعية فالذي يجبرها على الاجتماع ويسخرها للالتيام شئ آخر وذلك الشئ لا بد ان يكون جوهرا صوريا قائما بها متصرفا فيها لان العرض لا يستولي على الجوهر و الجوهر الجسماني المبائن في الوضع لا يتصرف في مادة الشئ كما مر تحقيقه ليكون حافظا لتركيبها على التشتت والافتراق سيما في المواد الطبيعية المستعدة للأمور الكمالية من الأنواع المحفوظة دائما فان مثلها لا يكون اتفاقية ولا قسرية فالمتصرف فيها صوره منوعة متقدمة عليها تقدما ذاتيا وهي قائمه على المادة بالتقويم والإدامة والحفظ فلا شك انها صوره واحده والا لم يكن لذلك النوع وحده طبيعية.
وقد بين ان الحقيقة الواحدة لا يتقوم بصورتين وان الصورة الواحدة لا تكون الا لمادة واحده لان تحصل المادة وتقومها لا يكون الا بالصورة فهي في وحدتها وكثرتها تابعه للصورة وكما أن المادة الواحدة لا تتقوم بالصورتين الا واحده بعد واحده وكذا الصورة الواحدة لا تقوم لمادتين الا بتقدم وتأخر وضرب من الترتيب فاذن قد ثبت ان كل نوع طبيعي له صوره واحده ومادة واحده فبقاء صور العناصر فيما فرض مركبا غير صحيح.
وأيضا إذا ثبت ان قوام هذا المفروض مركبا طبيعيا ليس الا بصوره واحده وكل ما له طبيعة واحده فكل ما يصدر عنه بما هو ذلك النوع الواحد يجب ان يكون مصدره ومبدؤه تلك الطبيعة والصورة الواحدة ثم إن أول ما يصدر عن هذه الأنواع العنصرية هي التي من باب الميول والحركات وهي من جنس أوائل الكيفيات الملموسة فيجب ان يكون الكيفية المسماة بالمزاج صادره عن تلك الصورة المنوعة لا عن