اخذوا العالم كله حيوانا واحدا له نفس واحد هي نفس الكل وصوره الكل وهذا مما لا يبعد عن الصواب سيما عند من يجعل الفلك الأعظم جسما واحدا مشتملا على جميع السماويات له حركه واحده دائرة حول مركز الكل فان اختلاف الابعاض بالنوع إذا روعي فيها ترتيب ونظام بين الأشرف والأخس والألطف والأكثف لا يقدح في الوحدة الشخصية بصوره الجميع كانسان الذي هو عالم صغير.
ثم قال الشيخ ولو كان للأجسام مبدء صوري مشترك بهذه الصفة لكان مداوم الاقتران بالهيولى ولا يكون ولا يفسد بل متعلق أيضا بالابداع.
أقول قد علمت فيما سبق ان كون الشئ دائم الاقتران بالهيولى يناقض كونه ابداعي الوجود غير كائن ولا فاسد فان الهيولى عبارة عن امر حامل لقوه وجود الشئ وامكانه الاستعدادي ثم لحدوثه وكونه حتى لو كان الشئ مسلوب القوة والاستعداد والحدوث استحال تعلقه بالهيولى ومثل ذلك الشئ صوره محضه إذ كل ما يتعلق وجوده بالهيولى فلا بد ان يكون للعدم شركه في قوام وجوده فإنه لا يحصل الا بالحركة و الزمان فلا يكون ابداعيا.
واما الذي قررناه من الصور في أن يكون مبدء صوريا مشتركا فينبغي ان يكون لذاته جهتان إحديهما عقلية حاصله بالابداع والأخرى طبيعية متعلقه بالهيولى والكون والفساد والنفس الفلكية من هذا القبيل فإنها من حيث جوهرها العقلي صوره ابداعية من عالم الامر ومن حيث قواها الطبيعية وغيرها متعلقه الوجود بالهيولى سارية فيها كائنة فاسده.
واما العدم فلا يجوز ان يكون من جملته عدم مشترك بالنحو الأول من النحوين المذكورين في الاشتراك لان هذا العدم عدم شئ من شانه ان يكون وهو معنى القوة والاستعداد فلم يبعد ان يبطل عند وجود ذلك واما المشترك بالمعنى الاخر من النحوين المذكورين للاشتراك فلا شبهه في أن المبادئ الثلاثة مشتركة بهذا المعنى إذ يصدق على كل من الحوادث والكائنات والمتغيرات ان له هيولي و