غير المفهوم من كليهما جميعا لا بد وأن يكون فيه شئ ثابت هو المتغير وصفه كانت موجودة فعدمت وصفه كانت معدومة فوجدت.
ومعلوم انه لا بد للكائن من حيث هو متغير في ذاته من أن يكون له امر قابل لما تغير عنه ولما تغير إليه وصوره حاصله وعدم سابق لها مع الصورة الزائلة وعدم مقارن معها للزائلة وهذا في التغيرات التي في الصفات الزائدة على جوهريات الأشياء معلوم لأكثر الناظرين.
واما نحن فبفضل الله وجوده فقد بينا ذلك في جوهريات الطبايع المادية على وجه لم يتيسر لاحد بعد المعلم ومن يحذو حذوه من الفلاسفة حيث سلف ذكره من كيفية تجدد الطبيعة وتقوم وجود كل جزء منها بالعدم وعدم كل منها بالوجود.
فعلى هذا يجب ان يكون العدم معدودا من جمله المبادئ المقومة للكائنات فان العدم شرط في كون الشئ متغيرا وإذا كان التغير في جوهر الشئ وقوامه كان للعدم شركه في تقويمه مع سائر المقومات فرفع العدم بالكلية عما هو متغير في ذاته يوجب رفع ذاته من غير عكس فالعدم على هذا الوجه مبدء بمعنى انه لا بد منه في وجود الشئ.
ولو نوقش في اطلاق اللفظ وقيل المبدء هو الذي لا بد من وجوده في وجود شئ فلا مبالاة لنا في ذلك مع قابله فليستعمل بدل المبدء المحتاج إليه فالعدم لا بد من اخذه في تحديد المتغير المستكمل وكذا لا بد من اخذ الصورة (1) فيه على أن هذا العدم ليس هو العدم المطلق بل عدم له نحو من الوجود كأنه عدم شئ مع تهيؤ واستعداد في مادة معينه فان الانسان لا يتكون عن كل لا انسانية بل لا انسانية في قابل الانسانية لكن الكون باعتبار الصورة لا العدم والفساد باعتبار العدم لا الصورة.
وقد يقال إن لشئ كان عن الهيولى وعن العدم ولا يقال عن الصورة فيقال