من غير اشتراك الجميع فيها فلا يبعد ان يفيد العلم الطبيعي اثباتها آنية ومهية معا.
ثم إن الأشياء الطبيعية إذا كانت لها مباد عامه مشتركة وأخرى جزئيه مختصه مثل مباد النمو والحس فطريق التعلم والتعليم فيها ان يبتدء في السلوك مما هو أعم وينتهي إلى ما هو أخص وهذا في مبادئ القوام والحد معلوم لكل من له أدنى بصيرة فإنك إذا أردت ان تعرف مهية الانسان بحده وحقيقة فمعرفتك لجنسه وهو جزؤه المادي أقدم من معرفتك لنوعه فثبت ان العالم اعرف عند العقل من الخاص.
ومن ارتاضت نفسه بالفلسفة الإلهية يعرف ان مبادئ الوجود أيضا كالفاعل والغاية أقدم تعرفا في ذاتها من معلولاتها وكانا قد أوضحنا هذا فيما قبل.
وبالجملة المنهج الأشرف في التعليم ان يكون السلوك العلمي مطابقا للسلوك الوجودي النازل من الأعلى إلى الأسفل ومن الأعم الأشمل إلى الأخص الأقل فمن أراد ان يعرف الأمور الطبيعية فينبغي له ان يأخذ أولا من مبادئ الطبيعة المشتركة إلى تلك الطبيعة و أحوالها ومنها إلى الطبائع المختصة وأحوالها من جهة مباديها الغير المشتركة إذ الأمور العامة اعرف عند عقولنا من الأمور الخاصة.
واما عند الطبيعة فان كانت جزئيه فالشخص الجزى اعرف عندها من المعنى النوعي وبعده المعنى الجنسي فان المقصود في الطبيعة الجزئية ليس ان يوجد حيوانا مطلقا ولا جسما مطلقا بل إن يوجد أولا جسما خاصا ثم حيوانا خاصا ثم انسانا وهكذا إلى أن ينتهى إلى حقيقة خاصه جامعه لكل كمال في الطبيعة واما المقصود في الطبيعة الكلية (1) بالمعنى الذي حققناه فهو أولا وبالذات وجود ما هو أعلى وأشرف منها في الحيطة والجمعية ثم ما يليه على وجه التبعية واللزوم وهكذا إلى أن ينتهى في النزول إلى الجسمية والهيولي.