موجودا ففعله الخاص الوحداني هو الاجتلاب إلى شبهه يعنى الوجود ففي كلامه دلالة على حدوث الطبيعة الجسمانية تصريحا وتلميحا.
اما الأول فحيث قال المكونات انما تتكون بتكون الصورة على سبيل التغير وتفسد بخلوها عنها.
واما الثاني فقوله كل موجود ففعله مثل طبيعته ولا شبهه في أن لكل جسم طبيعة هي مبدء حركته وحركه امر دائم التجدد والحدوث فكذلك مبدء ها القريب فيكون كل جسم طبيعي متجددا حادثا زائلا كائنا فاسدا وأيضا في قوله ففعله الخاص الوحداني هو الاجتلاب إلى شبهه إشارة إلى تبدل هذا العالم ورجوعه إلى الله سبحانه.
ومن الفلاسفة المعتبرين المشهورين ابرقلس المنسوب إلى أفلاطن وقد اشتهر فيما بين القوم منه القول بقدم العالم ونسبته إلى الفلاسفة الأقدمين ومنشأ ذلك ايراد أبرقلس في تصنيفه تلك الشبهات التسع التي نقلها ولولا مخافة الاطناب لذكرتها وبينت وجه التقضى عن كل واحد واحد منها بحيث لم يبق منها لاحد مجال الشك في العالم وكيفية صدور الموجودات منه تعالى على أن لكل منها محملا صحيحا ووجها وجيها يصار إليه.
ولهذا ذكر الشهرستاني في كتاب الملل والنحل أنه قال بعض المتعصبين لابرقلس ممهدا له عذرا في ايراد تلك الشبهات انه كان يناطق الناس بمنطقين أحدهما روحاني بسيط والاخر جسماني مركب وكان أهل زمانه الذين يناطقونه جسمانيين.
وانما دعاه إلى ذكر هذه الأقوال مقاومتهم إياه فخرج من طريقه الفكرة والفلسفة من هذه الجهة لان من الواجب على الحكيم ان يظهر الحكمة على طرق كثيره يتصرف فيها كل ناظر بحسب نظره ويستفيد منها بحسب فكره واستعداده فلا يجدوا على قوله مساغا ولا يصيبوا عليه مقالا ومطعنا لان ابرقلس لما كان يقول بدهر هذا العالم وانه باق لا يدثر وضع كتابا في هذا المعنى فطالعه من لم يعرف طريقته ففهموا منه