وكان يذكر فيه أحوال الفلاسفة الأوائل واما أفلاطن فقد اختلف في مذهبه في قدم العالم وحدوثه فإنه قال في أسولوطيقوس أي تدبير البدن ان العالم ابدى غير مكون دائم البقاء وتعلق بهذا القول ابرقلس وصنف في أزلية العالم كتابه المعروف الذي ناقضه يحيى النحوي.
ثم ذكر في كتابه المعروف بطيماوس ان العالم مكون وان الباري قد صرفه من لا نظام إلى نظام وان جواهره كلها مركبه من المادة والصورة وان كل مركب معرض للانحلال ولولا أن تلميذه أرسطاطاليس شرح مغزاه من اختلاف القولين لحكم عليه بالحيرة الا انه بين ان لفظه المكون مرتبه تحت الأسماء المشتركة و ان مقصوده من قوله ان العالم ابدى غير مكون أي لم يسبقه زمان ولم يحدث عن شئ وان مقصوده من قوله انه مكون وقد صرفه الباري من لا نظام إلى نظام ان وجوده متعلق بالصنعة الناظمة للمادة بالصورة وليس ولا واحد من هذين وجوده بذاته دون الايجاد لصاحبه فالمبدع لهما إذا قد أوجدهما على التاحيد النظمي فهو إذا بفعله الابداعي صارف العالم من لا نظام إلى نظام أي من العدم إلى الوجود.
ولقد صرح بذلك في كتاب النواميس فقال إن للعالم بدوا عليا وليس له بدو زماني أي له فاعل قد اخترعه لا في زمان فان فاحص فحص عن سبب اختراعه أجبناه بأنه مريد بذاته لإفاضة وجوده وقادر على ايجاد ما اراده ولمثله قد أطلق القول في كتابه المنسوب إلى فادن بان جوهر النفس غير مكون وانه لا يموت.
وقال في كتابه طيماوس انه مكون وانه ميت غير دائم وقد تولى أرسطاطاليس بتبيين مراده من اختلاف اللفظين فقال عنى بقوله الأول انه لم يتدرج في حدوثه من القوة إلى الفعل لكنه أحدث دفعه ثم لم يعرض له موت في دار المثوبة وعنى بقوله الثاني انه معرض للاستحالة من الجهل إلى العلم ومن الرذيلة إلى الفضيلة وان ذاته ما كان ليفوز بالبقاء الأبدي لولا استبقاه الله على الدوام.
وقد صرح بذلك في كتاب طيماوس فقال إن خالق الكل أوحى إلى الجواهر الروحانية بأنكم لستم لا تموتون ولكني أستبقيكم بقوتي الإلهية انتهى كلام