وهذا مع ثبوته بالبرهان ووضوحه عند العرفان مما خفى تحقيقه الا على الراسخين في العلم بكيفية الصنع والايجاد فعليك بالتجريد والتصفية كي تلحق بهم وتدرك غورهم.
فإذا تقرر ذلك فالحق ان يقال في التوفيق بين كلامي أفلاطن الإلهي ان يحمل مراده من العالم حيث يقول إن العالم ابدى وانه غير مكون على عالم الصور الإلهية لأنها حقائق الموجودات العالمة الثابتة في عالم علمه تعالى وحيث حكم بأنه مكون وان الباري صرفه من لا نظام إلى نظام فالمراد منه عالم الصور الحسية لأنها مادية منتظمة الوجود من القوة والفعل والمادة والصورة على الوجه الذي أومأنا إليه من أن شخصيات كل من المادة والصورة حادثه مسبوقه بالعدم الزماني.
الرابع ان المعلوم من كلمات هذا الفيلسوف التي سننقله إن شاء الله ان مذهبه يوافق مذهب أستاذه في باب حدوث هذا العالم وبقاء العالم الربوبي.
فما حكاه عنه هذا الشيخ يشبه ان يكون قولا ملفقا مختلقا لفقه بعض عامه الفلاسفة ممن لم يبلغ مقام الراسخين ولم يدرك شان الكاملين.
الخامس ان المختار عندنا في التوفيق بين كلاميه في قدم النفس وحدوثها وجهان آخران أحدهما ان يقال إن للنفوس الانسانية بعد هذه النشأة الداثرة نشأتين أخرويتين إحديهما عقلية محضه وهي للمقربين والثانية مثالية صورية فأراد بموت النفس عندما حكم بأنها تموت فقدان استعدادها للحياة العقلية والسعادة الأخروية التي للكاملين وأراد بعدم موتها بقائها بعد البدن وإن كان بحياة حيوانية حسية غير عقلية.
وثانيهما ان نفسية النفس كما بينا نفس وجودها وهذا النحو من الوجود غير باق للنفوس بالحقيقة لأنها متحولة من هذا الوجود إلى وجود آخر تنقلب إليه فاذن حيثما حكم بان جوهر النفس غير مكون ولا مائت أراد به جوهرها العقلي وهو غير