وقد مال إليه الشيخ الرئيس في بعض رسائله وان أنكر ذلك في سائر كتبه زاعما انها صوره مجرده حدوثا وبقاء وما لا مادة له لا يجوز عليه الفساد والفناء.
وثانيهما ان الحق كما بين في مقامه ان جوهر النفس من حيث تعلقه بالبدن وكونه كمالا له وصوره مقومه إياه امر تدريجي الحدوث كسائر الصور الطبيعية الحسية.
نعم إذا قويت ذاتها وخرجت من قوتها في التجوهر الذي لها إلى الفعل خلصت ذاتها عن احتمال الفساد فهي مادية الحدوث مجرده البقاء واما بعد الذي ذكره في القول الثاني فهو أيضا من وجهين أحدهما من كونه في غاية البعد عن منطوق اللفظ وصوره البيان ومساق الكلام.
وثانيهما لمخالفته مذهب هذا الفيلسوف في النفوس الناقصة من أنها هالكة كما مر فالأولى ان يقال في التوفيق بين كلاميه غير ما حكاه عن الفيلسوف وسنذكر ما عندي في التوفيق بينهما.
الثالث انا قد بينا بالبرهان ان العالم بجميع جواهره الحسية السماوية و الأرضية واعراضه حادث حدوثا تدريجيا وانه متكون فاسد لا يبقى زمانين وبينا ان العالم الربوبي عظيم جدا مشتمل على جميع حقائق ما في العالم وصورها على وجه أتم وأشرف وانها باقيه ببقاء الله فضلا عن استبقائه إياها وفرق بين كونها باقيه ببقائه تعالى وبين كونها باقيه باستبقائه فما عند الله من الصور الإلهية لو ثبت ان لها مهية غير الآنيات والهويات الوجودية فصحيح انها من حيث المهية باقيه باستبقائه.
واما من حيث إنها وجودات محضه متعلقه الهويات والآنيات بجاعلها التام فإنها عشاق إلهيون واصلون إلى حبيبهم وانها وجوه ناظره إلى ربها وعيون باصرة وجه ربها مع أنها متفاوتة في الشدة والضعف والقرب والبعد فليس يتصور لها بقاء غير بقاء الله.