الزوج الثالث فنشؤه الحد المشترك بين مقدم الدماغ ومؤخره من لدن قاعدة الدماغ وهو يخالط أولا الزوج الرابع قليلا ثم يفارقه ويتشعب أربع شعب شعبة تخرج من مدخل العرق السباتي الذي نذكره بعد وتأخذ منحدرة عن الرقبة حتى تجاوز الحجاب فتتوزع في الأحشاء التي دون الحجاب والجزء الثاني مخرجه من ثقب في عظم الصدغ وإذا انفصل اتصل بالعصب المنفصل من الزوج الخامس الذي سنذكر حاله وشعبة تطلع من الثقب الذي يخرج منه الزوج الثاني إذ كان مقصده الأعضاء الموضوعة قدام الوجه ولم يحسن ان ينفذ في منفذ الزوج الأول المجوف فيزاحم أشرف العصب ويضغطه فينطبق التجويف وهذا الجزء إذا انفصل انقسم ثلاثة أقسام قسم يميل إلى ناحية الماق ويتخلص إلى عضل الصدغين والماضغين والحاجب والجبهة والجفن والقسم الثاني ينفذ في الثقب المخلوق عند اللحاظ حتى يخلص إلى باطن الانف فيتفرق في الطبقة المستبطنة للأنف والقسم الثالث وهو قسم غير صغير ينحدر في التجويف البربخي المهيا في عظم الوجنة فيتفرع إلى فرعين فرع منه يأخذ إلى داخل تجويف الفم فيتوزع في الأسنان أما حصة الأضراس منها فظاهرة وأما حصة سائرها فكل يخفى عن البصر ويتوزع أيضا في اللثة العليا والفرع الآخر ينبت في ظاهر الأعضاء هناك مثل جلدة الوجنة وطرف الانف والشفة العليا فهذه أقسام الجزء الثالث من الزوج الثالث وأما الشعبة الرابعة من الزوج الثالث فتتخلص نافذة في ثقبة في الفك الاعلى إلى اللسان فتتفرق في طبقته الظاهرة وتفيده الحس الخاص به وهو الذوق وما يفضل من ذلك يتفرق في غمور الأسنان السفلى ولثاتها وفي الشفة السفلى والجزء الذي يأتي اللسان أدق من عصب العين لان صلابة هذا ولين ذلك يعادل غلط ذلك ودقة هذا وأما الزوج الرابع فمنشؤه خلف الثالث وأميل إلى قاعدة الدماغ ويخالط الثالث كما قلنا ثم يفارقه ويخلص إلى الحنك فيؤتيه الحس وهو زوج صغير الا أنه أصلب من الثالث لان الحنك وصفاق الحنك أصلب من صفاق اللسان وأما الزوج الخامس فكل فرد منه ينشق بنصفين على هيئة المضاعف بل عند أكثرهم كل فرد منه زوج ومنبته من جانبي الدماغ والقسم الأول من كل زوج منه يعمد إلى الغشاء المستبطن للصماخ فيتفرق فيه كله وهذا القسم منتبه بالحقيقة من الجزء المؤخر من الدماغ وبه حس السمع وأما القسم الثاني وهو أصغر من الأول فإنه يخرج من الثقب المثقوب في العظم الحجري وهو الذي يسمى الأعور والأعمى لشدة التوانه وتعريج مسلكه إرادة لتطويل المسافة وتبعيد آخرها عن المبدأ ليستفيد العصب قبل خروجه منه بعدا من المبدأ لتتبعه صلابة فإذا برز اختلط بعصب الزوج الثالث فصار أكثرهما إلى ناحية الخد والعضلة العريضة وصار الباقي منهما إلى عضل الصدغين وانما خلق الذوق في العصبة الرابعة والسمع في الخامسة لان آلة السمع احتاجت إلى أن تكون مكشوفة غير مسدود إليها سبيل الهواء وآلة الذوق وجب أن تكون محرزة فوجب من ذلك أن يكون عصب السمع أصلب فكان منبته من مؤخر الدماغ أقرب وانما اقتصر في عضل العين على عصب واحد وكثر أعصاب عضل الصدغين لان ثقبة العين احتاجت إلى فضل سعة لاحتياج العصبة المؤدية لقوة البصر إلى فضل غلظ لاحتياجها إلى التجويف فلم يحتمل العظم المستقر لضبط المقلة ثقوبا كثيرة واما عصب الصدغين
(٥٥)