والغني كما قاله كثير من أصحابه فيما جاء كثيرا في الأناجيل من حديث الأرواح النجسة بأنه كلام لا حقيقة له ولكنه كان مداهنة لأفكار الناس في غلطهم وإصلاح رأي الناس في غلط الاعتقادات ليس من وظائف الرسالة، بل من وظيفتها مداهنتهم بالغلط وإغرائهم بالجهل.
وقد كثر في العهد الجديد التعرض لذكر القيامة محتجا لها، ولكن باحتجاج واه لا يرضاه لأنفسهم عوام الناس وأوباشهم، انظر الجزء الأول صحيفة 235 - 236.
وفي كورنتوش الأولى يذكر أن بولس يحتج للقيامة بقيام المسيح من الأموات.. وبأن بولس تحمل المتاعب في افسس ولولا القيامة لما فعل ذلك (1 كو 15، 12 - 33.
ولا يخفى عليك أنه احتجاج ساقط لا يثبت شيئا على من لم يثبت عنده قيام المسيح من الموت، ولا يثبت القيامة بالنحو المطلوب وإن فرض التصديق بموت المسيح وقيامه، إذ لا ملازمة بين الأمرين خصوصا إذا كانت الشبهة في أمر القيامة من حيث بلاء الأجسام وانعدام صورتها وتفرق أوصالها، وأما متاعب بولس فالاحتجاج بها واه ولو فرضنا أن كل من أجهد نفسه لم يقصد بمتاعبه إلا وجه الله، كيف والموجود المعروف أن سلطان الهوى وحب الجاه والرياسة بعد الخمول يسخر لأكثر من ذلك، فكم من مضرم لنار الثورة القاسية قاذف بنفسه في مهالكها معذب لنفسه في متاعبها وهو يعلم بإنكار القيامة.
وفي العهد الجديد عن بولس قوله: لا نرقد - أي لا نموت كلنا - ولكنا كلنا نتغير في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير فإنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير (1 كوه 1، 51 و 52) وأن الأموات في المسيح سيقومون ونحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب وهكذا نكون مع الرب في كل حين (1 تس 4، 16 و 17).
وقد ذكرنا في الجزء الأول صحيفة 87 - 88 ما في هذا الكلام من لزوم الكذب وبينا لك وهن ما تشبث به المتكلف لإصلاح هذا الكلام فراجع.