قل: إذا فما حاجة هذا المعادل لله إلى أن يرفعه الله ويعطيه اسما فوق كل اسم، أم تقول: إن الكلام المتقدم المنقول عن ثاني (فيلبي) إنما هو من محض الغلو في التعبير، وتعدي الحد المقبول في المبالغة، فإن الذي ينسب له هذا الكلام هو الذي ينسب إليه قوله إن المسيح بكر كل خليقة، ولذا قال هاهنا إن الله رفعه وأعطاه اسما فوق كل اسم.
وزد على ذلك إن الإنجيل ينقل عن قول المسيح أبي أعظم مني (يو 14، 28)، وقوله وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الأب (مر 13، 32).
ومن المعلوم من العهد الجديد أن المراد بالابن هو المسيح فهو لا يعلم بذلك اليوم وتلك الساعة.
وقوله: أنا لا أقدر أن أفعل من نفسي شيئا (يو 5: 30 و 19) وأنه لم يقدر أن يصنع في وطنه ولا قوة واحدة (مر 6، 5)، وليس له أن يعطي شيئا إلا للذين أعده الله لهم (مت 20، 23) وأنه يتضرع إلى الله، ويعبده بالصلاة والصوم ويطلب منه ويفزع إليه في حوائجه وضيقه، ويطلب منه النجاة ويجرب من إبليس، ويطمع فيه إبليس بغوايته بالشرك وينقله من مكان ومن كان بهذه الصفات لا يقال فيه إنه معادل لله، وكيف والأناجيل تنسب له إنه قال على الصليب إلهي إلهي لماذا شبقتني؟ - أي لماذا تركتني -؟ وهذا كاف في الصراحة بأنه ليس معادلا لله وإنه ليس إلها، لأن الإله لا يكون له إله، ولا هو الله، وإلا كان هذا الكلام كله غلط وكذب.
وكذا حكاية الإنجيل اصعد إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم، (يو 20، 17)، أفليس في هذا صراحة في كونه مساويا للبشر في أنه له إله هو إله البشر.
ولكن المتكلف يقول (يه 4 ج ص 287) لو سوى بينه - أي المسيح - وبينهم - أي البشر - لقال إلى أبينا وإلهنا، ولكنه لم يقل ذلك إشارة إلى كونه الكلمة الأزلية الخالق للعالمين، وإنه والأب واحد، فأبوة الأب للمسيح هي