القرآن الكريم فإنه مرصود بالعناية الإلهية، وينتهرك في تبديلك ألوف عديدة من حفاظ أطفال المسلمين.
ثانيا: إن كتابك يقول: إن الذي طلب منه بنو إسرائيل أن يجعل لهم ملكا هو نفس صموئيل، وإن طالوت (شاول) ملك في حياة صموئيل انظر (1 صم 10 - 25، 1)، وتواريخكم تقول: إن مدة ملكه في حياة صموئيل كانت خمسا وثلاثين سنة ولم يلبث بعد موت صموئيل إلا نحو أربع سنين مع ملك متضعضع، وافتراق داود وجملة من بني إسرائيل عنه.
فكيف تقول (والصواب أنه من بعد صموئيل آخر قضاة بني إسرائيل) فأفق ثم تكلم في مثل هذه المقامات بعد أن تعرف ما في كتابك أقلا.
واعترض أيضا على حكاية القرآن الكريم لقول بني إسرائيل: (أخرجنا من ديارنا وأبنائنا) فقال إنه لم يكن أحد سبي بني إسرائيل، ولا أخرجهم من ديارهم، بل إنهم طلبوا الملك ليقضي لهم ويحارب حروبهم ويخرج أمامهم.
قلت: إن العهد القديم مع تفريطه في الحقائق التاريخية، ليكذب المتكلف في دعواه.
أفلم ينظر مدة عمره في سفر القضاة ليرى تسلط الأمم على بني إسرائيل من بعد يوشع، وأن الله غضب عليهم فدفعهم بأيدي ناهبين نهبوهم وباعهم بيد أعدائهم حولهم (قض 2، 14)، وباعهم بيد كوشان ملك آرام النهرين وضرب ملك عمون بني إسرائيل وملك مدينة النخل (3، 8 و 13)، وباعهم الرب بيد يابين ملك كنعان (4، 2)، ودفعهم ليد مديان حتى أنهم عملوا لأنفسهم الكهوف والمغائر بسبب تسلط المديانيين، وإذا زرعوا تنهبه الأمم ولا يتركون لهم قوتا ولا بقرا ولا غنما ولا حميرا (6، 2 - 6) وأن الله دفعهم ليد الفلسطينيين أربعين سنة (13، 1) فلم يزل بنو إسرائيل عرضة لاضطهاد الملوك تعمهم النوائب أو تتناوب على قبائلهم.
أفلا يكفي المتكلف هذه الأحوال في صدق قولهم أخرجنا من ديارنا وأبنائنا، وهل قال القرآن الكريم إنهم قالوا سبينا بأجمعنا إلى آشور أو إلى بابل.