رمزي: رأينا فيما سبق أن وظيفة النفس قائمة من جهة بإعطاء الحياة والحركة وتلك الحركة موجودتان في جسد الحيوان وجسد الانسان على السواء فأين الفرق بين نفسيهما.
عمانوئيل: ووظيفة المديرين للآلات المذكورة قائمة من جهة بإعطاء الحياة العملية والحركة وتلك الحياة وتلك الحركة موجودتان في السفينة البسيطة بيد المدير الذي لا يحسن ولا يعرف إلا إدارة السكان وجذب الشراع وإرخائه.
وموجودتان أيضا في المركب البخاري البحري المجهز بآلة الضياء الكهربائي والتلغراف اللاسلكي والآلات المعرفة للأوقات والجهات ومديره عالم طبيعي جغرافي فلكي يستعمل جميع أجهزة المركب بعلم وسمو إدراك. فالفرق بين نفس الحيوان ونفس الانسان هو الفرق بين المديرين المذكورين. والمشاهدة والوجدان شاهدان على أن قول القائل (فأين الفرق بين نفسيهما) من الكلام الساقط. كما يحتاج الحيوان إلى الغذاء الأكل والشرب ترى المركب البخاري يحتاج إلى دهن يحفظ أجزاءه الجديدية من صدمة الاحتكاك بالحركة ويحتاج إلى ماء ونار لقوة التحريك.
فهل يتوهم ذو رشد بأن مدير المركب يستفيد في كيانه وغذائه بتغدي المركب بالدهن والماء والنار بواسطة ارتباطه مع المركب بالمديرية والاستعمال؟ فمن الشطط أن ينسب إلى القائلين ببقاء النفس إنها تستفيد من الأكل والشرب في كيانها وينتقل ذلك إليها بواسطة الرابطة بينها وبين الجسد ثم يعترض عليهم ويقال: (إما أنه يستحيل وجود رابطة بين عنصرين متضادين متنافرين نقيضين كالروح والمادة).
ولماذا يتعب القلم والطابع في الوهم بتسويد عدة صحائف يا رمزي من أين جئت بهذه الاستحالة التي تدعيها هذه الفتوى المجردة التي لهج بها مصدر كلماتك.