يصدر منه. فهذا الاختلاف في أعمال هؤلاء المديرين بحسب أغراضهم واستعدادهم وآلاتهم هل يدل أن الأعمال المذكورة إنما هي من خصائص الآلات المذكورة لا غيرها؟ وأنه ليس للمديرين كيان يبقى بعد مفارقتهم لهذه الآلات ولا صلاحية في ذاتهم للادراك والشعور؟
فالنفوس في أدنى الحيوان وأرقاه وإن كانت واحدة بالجنس أو بالنوع تكون مختلفة بالشعور والادراك والأخلاق والأعمال بحسب اختلافها في النوع أو في الصنف أو الخصائص للشخصية وبحسب استعدادها وآلاتها كما في اختلاف المديرين المذكورين.
فلماذا يلزم أن تكون واحدة في جميع الصفات والخصائص كما جرى توهم ذلك في مصادر كلماتك.
ترى المديرين المذكورين على أتم وفاق مع آلاتهم المذكورة في استخدامها في أعمالهم ما دامت سلامتها الطبيعية. يحفظون بقاء سلامتها بالمسح والدهن وإماطة الأذى ونحو ذلك مما تحتاج في حفظ بقائها على صحتها حسبما يدخل تحت قدرتهم فإذا خرجت عن نظامها الطبيعي وصلاحيتها للعمل ولم يكن إصلاحها من وظيفتهم ومقدورهم فارقوها وهم على كيانهم وإدراكهم وأعمالهم اللائقة بذاتهم ولا يقال إن كيان هؤلاء وشعورهم وبقاء ذواتهم تابع لسلامة آلاتهم.
فلماذا لا يكون مثال النفس مع الجسد مثال المدير مع آلته.
ولماذا يتوهم خلافه ويجعل هذا الوهم الخرافي دليلا في المكابرات ويتقلب بهذا الوهم والتحكم الفارغ في عدة صحائف.
لا تخفى الرابطة في الاستعمال بين المديرين المذكورين وآلاتهم ما دامت على نظامها الطبيعي.
إذن فمن هو الذي يبدأ بالانفصال عند فسادها. وكلما تقول ههنا على الاستقامة في الشعور نقوله في انفصال النفس عن الجسد عند الموت.