وآلامه. أو قال آخر إن الذي يعني بالحياة هو تبادل التغذية والتحليل على الجسد. أو قال آخر إنما هو أعمال الأجهزة الباطنة في تنمية الجسد وحفظه من الفساد العام. فيسيل على فتواك من نحو ذلك سيل الفتاوى الجارف.
وماذا تقول إذا قال لك العلم إن الذي ذكرته أنت ورصفاؤك إنما هو بعض من آثار الحياة ومظاهرها وليتك تستطيع أن تفسر لي بالاستقامة قولك (إن ماهية النفس في الجسد من الأمور المعنوية التي لا يعبر عنها بالكلام). ماذا تريد بقولك (معنوية) هل تريد أنها لا وجود لها بل هي معنى افتراضي؟ من ذا يتفق معك على هذا الوهم.
أم تريد أنها ليست من الأمور الظاهرة بحقيقتها للحس لأنها ليست من عالم هذه الماديات ولأجل احتجاب حقيقتها عن الحس لا يمكن لنوع الانسان أن يعبر عنها ويبين حقيقتها بالكلام؟
إذن قد نطقت بالصواب من حيث لا تدري ولا تريد.
ولكن لماذا تناقض كلامك وتقذف نفسك في لجة البحث عن ماهيتها فيذهب بك تيارها إلى مهلكة التناقض والتمحلات.
إذا كانت ماهية النفس لا يعبر عنها بالكلام والذي يمكن هو التعبير عنها بظواهر فعلها وتأثيرها. فبأي شعور وبأي طفرة رتبت على ذلك نتيجتك المناقضة وقلت (ولذا يصح أن نقول إن ماهية النفس في الجسد إنما هي الحرارة المنتشرة فيه) إذا كانت الحرارة هي ماهية النفس فكيف تناقض ذلك بقولك (جعلت الحرارة من فعل النفس إلى آخره) وإن كانت الحرارة من فعل النفس وآثارها فكيف تقول إن ماهية النفس هي الحرارة وكيف يصح لك ذلك؟
وليتك تدري ماذا تريد بقولك (هذا لو صح أن تكون برودة الجسم إلى آخره) ويا للأسف كيف يخاض في أمر ماهية النفس بمثل هذا الكلام المتناقض.