عصر المسيح راقين في علم الطب ومتقدمين فيه بحيث يميزون المقدور الداخل في شؤون الطب وما هو خارج عن حدوده وحدود القدرة البشرية فلأجل ذلك جاءت معجزات المسيح بإبراء الأعمى والأبرص وإحياء الميت في الحال بقول وعمل خارج عن قانون الأسباب العادية والأعمال البشرية.
وغير خفي أن العرب في عصر رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) وما قبله قد كانت معارفهم نوعا منحصرة بفنون لغتهم وشؤون كلامهم في الفصاحة والبلاغة وجودة البيان.
وقد ولعوا بذلك ولعا لم تنمح رسومه على مرور القرون وقد زاد ولعهم بذلك وتقدموا فيه في ذلك العصر تقدما باهرا حتى صار ذلك عنوان فخرهم ومعارفهم ومفاخرتهم يعقدون له المواسم والمحافل وميادين المسابقة فيه وحتى صار لهجتهم في البدو والحضر حتى رقت بينهم هذه الصناعة إلى أوج نجدها وزهت بأجمل مظاهرها وأحاطوا بأطراقها ومقدورها ولم يكن لهم في غير ذلك من معارف الدنيا تقدم ولا معرفة بحدودها ولا ما يرتبط بنواميس علمها فكان أنسب شئ لهم من المعجز وأوفق بحكمته هو القرآن الكريم كما سيأتي بيانه إن شاء الله في محله ولو كان المعجز العام لهم غير القرآن من الأعمال العجيبة لخيل لهم جهلهم النوعي بالعلوم والصنايع وخلو بلادهم وجنسهم منها أن ذلك من نتائج علوم الرومانيين واليونان والفرس وصنايعهم البديعة أو من أسرار سحر المصريين والكهان لا من الله ولا خارجا عن حدود قدرة البشر. وسيأتي إن شاء الله في محله بيان الألطاف العظيمة والحكم الكبيرة في كون الاعجاز العام لرسول الله بالقرآن الكريم الجامع لوجوه كثيرة من الاعجاز.
عمانوئيل: بقيت كلمة. هل يمكن أن يكون المعجز بحسب حال الشخص الذي يظهر على يده خارقا للعادة وخارجا عن حدود القدرة البشرية ولكنه يمكن أن يكون بعد ذلك عاديا أو يحصل مثله بإتقان العلوم