على العمل القبيح في حال عمله فيثور الريب الشديد قي تبليغاته السابقة ويحمل أكثرها وأكثر إجرآته على الشقاوة بإرادته تسخير البشر لأهوائه واستعبادهم لأوامر رياسته الكاذبة بل إن العادة تقتضي أنه لا يطلع الناس على الأعمال القبيحة إلا بعد أن يجري أمثالها في الخفاء وتكون النفس مريضة بداء الشقاوة منذ زمان قديم فيجئ الاغراء بالجهل ولو جاز هذا الفرض لجرى الريب الشديد في كل نبوة وكل رسالة وكل معجز من أول الأمر فيذهب أمر النبوة والرسالة والمعجز ضياعا..
والحاصل أن العقل وفطرة العقلاء يرى أن موقع الحكمة واللطف والرحمة في أمر النبوة والرسالة والمعجز إنما هو حيث يكون النبي أو الرسول معصوما من الزلل إلى آخر عمره فيكون هذا هو مقتضى لطف الله ورحمته وحكمته في الرسالة وإجرائها لحصول غايتها المطلوبة من دون تشويش في اللطف والرحمة ولا إخلال في الحكمة.
عمانوئيل: هل يجوز أن يتكرر النوع الواحد من المعجز لرسل متعددين.
الشيخ: لا مانع من ذلك فإنه لا يخرج بالتكرار عن كونه خارقا للعادة البشرية وخارجا عن القدرة المجعولة للبشر فإن إحياء الميت الذي جرى على يد المسيح قد جرى مثله لغيره ومنه ما يحكيه العهد القديم في شؤون أيليا واليشع وما يذكر من إشباع المسيح للخلق الكثير من الطعام القليل قد وقع مثله لرسول الله مرارا عديدة. فإن المعجز لا يخرج بتكرره من الله عن كونه معجزا.
عمانوئيل: المعجز أمر ممكن في قدرة الله فكيف يستحيل صدوره على يد الكاذب في دعوى النبوة.
الشيخ: يستحيل لكونه في هذا المقام من الاغراء بالجهل.
ولأجل قبحه يستحيل ويمتنع على جلال الله القدوس فالمعجز وإن كان في ذاته ممكن الوقوع من الله لكنه باعتبار عنوانه القبيح يكون ممتنعا على