ماذا تقول فيمن ينكر وجود المكروبات وأمثالها لأن العين المجردة لا تراها وكثير من المكبرات لا توصل إلى رؤيتها..
وماذا تقول فيمن ينكر وجود القوة الكهربائية المحركة لأنها بنفسها لا تقع تحت الحواس ويقول في مكابرته إن القوة الكهربائية ليست إلا بنت التعليل من بعض الآثار التي أقول وأقول إنها من أعمال الصدفة ليس هناك قوة!
ألا تدري بأن التعليل هو روح العلوم وأساس قواعدها وأن أمهات العلوم وقوانينها ليست إلا بنات العليل.
يحس الانسان بشئ طفيف من المحسوسات المماثلة في جهة فيهديه تعليل العقل الفطري المنزه إلى العلة الكلية المعقولة فيجعلها دعامة من دعائم العلم وقانونا من قوانين الفن..
يرى الانسان يسيرا من الخطوط المتوازية لا تتلاقى فيما يصل إليه من الابعاد فيحكم حكما قطعيا بأن كل متوازيين لا يلتقيان وإن خرجا إلى غير النهاية.
متى أحس جميع الناس بهذا الناموس لكل المتوازيات مع أنهم لم يحصوا من المتوازيات إلا بنسبة واحد إلى ما يتعذر عده منها ومتى وصل حسهم باختبار المتوازيات إلى مائة ألف فرسخ فمن أي حس حكموا عليها بأنها لا تتلاقى حتى لو خرجت إلى غير النهاية.
هب أن الانسان يحس بألف ألف من العدسيات المزدوجة التحديب ومثلها من المزدوجة التقعير ويرى لكل صنف منها آثارا متماثلة من انكسار النور أو جمعه أو انفراجه أو تصغير الشبح أو قلبه ويرى الجمع بين الصنفين يوجب كبر الشبح وقربه فلماذا يحصل من هذا قوانين كلية علمية لكل ما تفرض في العالم من نحو ما ذكرنا من العدسيات؟ أليس ذلك من تنبه العقل الفطري إلى التعليل الطبيعي. هذا هو الناموس