والطواف بالكعبة وجملة من أعمال الحج وإن تصرفت الأهواء في بعضها.
حفظ كل العرب في جميع أجيالهم كل ذلك باسم إبراهيم ودعوته الرسولية وتاريخه وتذكار شرائعه وآثاره الخالدة واستمرت على ذلك بأجمعها إلى أن أشرق نور الاسلام ونهضت الحنيفية الحقيقية نهضتها الكريمة المنصورة وإن كان النفوذ الكثير في المسكونة للوثنية.
بل ربما أن الذي يرى على الصور النحاسية لقدماء المصرين من صورة ثوبي الاحرام إنما كان من زي العبادة والتواضع لله وقد أخذ من شريعة إبراهيم في الحج أو من شريعة نبوية.
كما أن جملة من زعماء الأديان المختلفة الذين يناسب حالهم مظاهر النسك والتواضع ترى صورهم في زي إحرام المسلمين كما في تصوير (كونفوسيوس) الصيني و (لاوتز) ومن القريب أن يكون طواف الصابئة وقدماء اليونان مأخوذا من طواف الحج الذي شرعة إبراهيم للكعبة.
فإن النظر الدقيق يدل على أن العبادات الاختراعية أفسدت العبادات الحقيقية النبوية فحولتها إلى بدعها وتصرفت بها ما شاءت أهواء دعاة البدع من التخليط فمن الحري أن يكون جملة مما هو عند المجوس والصابئة والبراهمة والبوذيين وقدماء المصريين واليونان من العبادات والشرايع هو مأخوذ من دين إبراهيم وشريعته ولكنهم حولوه إلى عبادة وثنية أو تصرفوا بصورته حسبما يقتضيه الضلال والتقصير. وإن سير الختان في أمم الشرق قبل الاسلام يدلك على أن لها نحو ارتباط بشريعة إبراهيم.
.. أقول ذلك وإن كان جماعة من النصارى يزعمون أن الله لم ينزل من قبل موسى على القدماء شريعة وإنما جروا على عادات اصطلحوا عليها في هذه الحياة. ومن هؤلاء الزاعمين جمعية كتاب الهداية والمرسلون الأمريكان الذين طبع ذلك الكتاب بمعرفتهم.