فيحصل له مات ذلك نزعات جسدية تقف له صفا في مقابلة النزعات العقلية الصالحة فيرجع الأمر إلى اختياره لحسن التفكير والموازنة أو اختياره للإقبال على النزعات الجسدية والاعراض عن النظر في وجوه الصالحات.
إذن فكلما يكون من آثار الجسد وسحنته ومن آثار الوجدان لا أثر له في الأعمال والتروك إلا بتمثله أمام تصور النفس كتمثل الحقائق العقلية الصالحة.
وأما تعليل العمل والترك فهو راجع إلى إرادة النفس بحسب ما يقف عليه تصورها بحسب اختيارها لإجادة التفكير أو تقصيرها فيه مع مقدرتها على إجادته وسحق المعاثر في سبيله ولو بالتوسل بمعونة الأسباب والمقدمات التي أشرنا إليها قريبا.
فلا توجه للمسؤولية إلا على النفس التي هي العلة الفاعلة.
وأي توجه للمسؤولية على الجسد الذي هو جماد لولا ارتباط النفس.
إذا وقف الظالم المبطل والمظلوم المحق أمام القاضي الذي بيده إجراء قضائه وتنفيذه. فقضى جورا وأجرى جور قضائه فعلى من تكون مسؤولية الجور في القضاء..
هل تقول بأنها تكون على الظالم الذي لم يصدر منه إلا الوقوف أمام القاضي. وهب أن دراهم الظالم لأجل الرشوة وقفت معه أيضا. أم تقول أنت وكل أحد أن مسؤولية الجور في القضاء إنما هي على القاضي الجائر المجري لجوره.
لكنا ذكرنا في صحيفة 120 إلى 123 بعض وجوه الحكمة في كون المعاد جسمانيا وكون المسؤولية والعقاب والنعيم تتعلق بهيكل الانسان نفسه وبدنه فراجعه.