بنصائح أقواله وقدوة أعماله مع ترويض النفس على إمالة وجهها إلى النزعة العقلية وصرف خيالاتها عن النزعة الجسدية أو مع الابتعاد عن موارد الغواية وعدواها.
وترى كثيرا من الناس من تحتاج غوايته والعياذ بالله إلى مقدمات هي على العكس مما تقدم. وللناس بحسب أحوالهم في ذلك مراتب مختلفة ترى ما ذكرناه جليا في أحوال البشر وعليه عملهم. طالما نستعمله في تفكيرنا وتعديله وصرف أميالنا وأفكارنا عن وجهها ويشترك جميع الناس في عملهم على ذلك في أميالهم الجسدية وتعديلها فيما بينها فضلا عن صرف الفكر إلى العقليات الصالحة.
مهما ثار غبار الشبهات والمغالطات فإن الالتفات إلى ما ذكرناه يجلو للانسان جو الحقائق فيراها مائلة للعيان ملموسة بيد البداهية..
يعرف الانسان منها أن المصدر لاختيار الأفعال والتروك إنما هو ذلك الجوهر المدرك المشرف بإدراكه على الأمور الشخصية والنوعية الجسدية والعقلية صالحها وفاسدها وجهات منافعها ومضارها وإليه ترجعون موازنتها وتصريف الأفكار فيها وتعديلها وأنه أي تصور يقبل إليه ويقف عليه تنشأ عنه الإرادة للفعل فتحرك العضلات والأعضاء أو الإرادة للترك فتمسكها عن الحركة.
ومن أجل احتجاب هذا الجوهر عن آثار نورانيته بحجاب الجسمانية وظلمتها وكثافتها كان محتاجا في جودة إدراكه إلى مدافعة الحجاب بالتعلم والتفكير والتجول في ميدان الحقائق لاستجلائها لبصيرته.
كما أنه من ارتباطه بالجسد ووحدتهما في الأنانية يحصل له الوجدان بجميع العوارض الجسدية. يحصل له الجوع والعطش والألم واللذة والشهوة والغضب والاحتياج والميل والحب والبغض والعاطفة والابتهاج والحزن والرجاء واليأس.