أنظر في حال كل ذي خلق من الأخلاق فكم ترى من أعماله ما هو على مضادة خلقه. كم ترى من بخيل يسمح بالكثير من ماله على رغبة منه حينما يستحكم في تصوره رجحان الانفاق إما رغبة في الخير أو حبا للجاه أو انقيادا إلى الشهوة وغير ذلك. يكثر منه ذلك ويقل. وقد يبلغ أن يكون سمحا في فعل الخير. أو في الانقياد إلى الشهوة. أو في حب الجاه والسمعة وهو بخيل فيما عدا ذلك وقد يتبدل بخله بالسماحة في أكثر الأمور ويتفق له الشح في بعضها.
وكم ترى من سخي يبخل بالقليل في كثير من الموارد. ترى بعضا يبخل في فعل الخير.
وترى بعضا يبخل في فعل الفسوق.
وترى بعضا يبخل في موارد مختلفة بحسب الجهات المتشتتة.
وكم ترى من حليم يثور به الغضب ثورة شديدة بحسب الدواعي المختلفة.
فمنهم من يشتد غضبه على الأفعال المنكرة.
ومنهم من يشتد غضبه على مخالفة أمياله وشهواته أو كبريائه.
وكم من حاد غضوب لا ترى لخلقه أثرا في الأمور المشروعة ولا مع امرأته ولا مع ولده ولا مع الأكابر ولا عند دواعي التملق ومصانعة الأغراض.
وكم من جبان يكون شجاعا في كثير من الموارد.
وكم شجاع مقدام تراه يجبن ويحجم في كثير من الموارد.
وكم ترى ذا خلق تغير خلقه إلى ضده.
كم ترى من بخيل صار سخيا وكم ترى من سخي صار بخيلا. أو حليم زال عن حلمه، أو غضوب صار حليما أو متكبر صار متواضعا أو متواضع تشامخ بالكبرياء..