الروحية مبتعدا عن طلب إمامة سياسية (1).
ويقول كاتب يمني: وفي تاريخ الشيعة - كذلك - نشأت نظرات متخاذلة، تولدت من شعور بعض العلويين وأنصارهم بالهزيمة الداخلية، وقلة النصير، وفجعتهم التضحيات الكبيرة التي قدموها، ففضلوا السلامة.
وقد وطدت معركة كربلاء من هذا الاتجاه، إذ كان تأثيرها مباشرا على علي بن الحسين الذي ابتعد - من هول الفجيعة - عن السياسة، ونأى بنفسه عن العذاب الذي عاناه من سبقه، وعلى قريب من هذا النهج سار ابنه محمد، وحفيده جعفر (2).
وفي أحدث محاولة لتقسيم أدوار الأئمة عليهم السلام، جعلت حصة الإمام السجاد عليه السلام (الدور الثاني) وهو الذي امتد منذ زمانه حتى زمان الإمام الباقر، والصادق عليهما السلام، وهو: بناء الجماعة المنطوية تحت لوائهم.
ويشرح واحد من أنصار هذه المحاولة هذا الدور بقوله: والمرحلة الثانية التي بدأها الإمام الرابع، زين العابدين عليه السلام، تتركز مهمة الأئمة عليهم السلام فيها: على حماية الشريعة، ومقاومة الانحراف الذي حدث في جسم الأمة على يد العلماء المزيفين والمنحرفين،...، ولذلك نرى حرص الأئمة في (المرحلة الثانية) على الابتعاد عن الصراع السياسي، والانصراف إلى بث العلوم، وتعليم الناس، وتربية المخلصين، وتخريج العلماء والفقهاء على أيديهم، والإشراف على بناء الكتلة الشيعية... (3) ويقول: إن الإمام أراد أن تكون زعامته للأمة، زعامة دينية، وأن تصطبغ نشاطاته بصبغة روحية علمية، فكانت زعامته في الأمة تختلف عن زعامة الأئمة قبله، حيث كانوا يصارعون الدولة، ويقصدون الإصلاح، ويقارعون الظالمين.
فكانت الطريقة التي عاش بها الإمام زين العابدين والظواهر التي برزت في حياته لا تسمح بزعامته إلا أن تكون دينية وروحية وعلمية، وأن يكون قدوة صالحة في