ومن المعلوم - في المقامين - أن مخاطب الإمام عليه السلام إنما هم المؤمنون بالله تعالى، ولذا جعل كلا منهما (فتنة إلهية) للآخر، ليعتبر بهذا الموقع الخطر الذي يتبوأه كل منهما.
فالحديث مع الذين لا يخالفون أمر الله ولا يعادونه، وإنما يسيرون موافقين للإسلام، ويعتمدون على ما سنه من أحكام، ولا يضرون بالدين، وإلا فالأمر يختلف، والحديث يتفاوت، والحقوق تكون غيرها، والواجبات سواها.
والحاصل: أن ما حدده الإمام عليه السلام إنما هو عن السلطان والرعية، إذا لم يتهدد كيان الإسلام وأحكامه وشعائره خطر من قبل السلطة، بدليل التذكير فيه بنعم الله وحوله وقوته وأنه لا حول ولا قوة إلا به.
وإلا، لم يكن الخطاب بمثل هذا الكلام المعتمد على الإيمان بالله والاعتقاد بالواجب والإحساس بالخدمة للناس والإصلاح في المجتمع، والاعتماد على قوة الله وحوله، كما هو الحال في كل الحقوق الأخرى التي ذكرها في (رسالة الحقوق) فإنه وجه الخطاب إلى الأمة الإسلامية في داخل الوطن الإسلامي، وفي الحدود التي يلتزم رعاياها بشريعة الإسلام وقواعده.
وسنثبت نصا موثوقا لرسالة الحقوق في الملحق الأول من ملاحق الكتاب بعون الله (1).