" زهد المرء فيما يفنى على قدر يقينه بما يبقى " (1).
" لو صح يقينك ما استبدلت الفاني بالباقي، وما بعت السني بالدني " (2).
عندما يتعرف الإنسان على حقائق الوجود ويخبر حقيقة الدنيا والآخرة في ظل نور اليقين فإنه يدرك أن الملذات المادية لا تستحق الركون إليها، بل يعتقد أن رخاء الدنيا ولذاتها هو بالزهد فيها والرغبة عنها.
كان الإمام الراحل رضوان الله تعالى عليه أحد الذين أدركوا حقيقة الدنيا والآخرة. وقد رسم لابنه صورة لمعرفته بالدنيا، فقال (رحمه الله):
" نظرت في أحوال المقتدرين والأثرياء فرأيت أن آلامهم الروحية ومعاناتهم النفسية أكثر من غيرهم، وأن عدم إدراكهم لآمالهم وأمانيهم الكثيرة شديد الإيلام لأنفسهم.
إن الذين يحاولون الاستعلاء والتفوق بأي نحو كان سواء في العلوم - بما فيها الإلهية منها - أم في السلطة والشهرة والثروة إنما يزيدون في معاناتهم من حيث لا يشعرون.
إن المتحررين من الكبول المادية - الذين أنقذوا أنفسهم من فخ إبليس نوعا ما - هم سعداء مرحومون في هذه الدنيا.
عندما اشتدت الضغوط على علماء الدين في عهد رضا خان بهلوي من أجل تغيير زيهم - وكان العلماء في الحوزات العلمية يعيشون في قلق واضطراب...
- رأيت شيخا عليه مسحة التقوى وهو واقف قريبا من أحد المخابز يأكل رغيفا من الخبز غير مأدوم، فقال لي: " قيل لي: انزع عمامتك فنزعتها، وأعطيتها شخصا كي يخيط له بها قميصين. الآن أكلت رغيفي وشبعت. وإذا جن علي