عن الجواب السلبي الذي أجاب به قوم موسى عندما دعاهم إلى المسير نحو الأرض المقدسة]: * (قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون) * (1).
فقام منهم ناس فقالوا: يا أمير المؤمنين، الجراح فاشية في الناس، فارجع إلى الكوفة، فأقم بها أياما ثم اخرج. خار الله لك، فرجع إلى الكوفة عن غير رضا " (2).
ومع أن الإمام - بعد رجوعه إلى الكوفة - كان في الأيام الأخيرة من عمره الشريف، وكان يكثر من الإخبار عن استشهاده الوشيك، لكنه كان يصر إصرارا كبيرا على إعداد المسلمين لقتال معاوية ويقول: قاتلوا معاوية بعدي مع كل إمام!
وأخيرا، عبأ جيشه للجهاد من خلال خطبة حماسية مهيجة، قبل استشهاده بأسبوع تقريبا. ومن الذين عقد لهم الألوية في تلك التعبئة العامة: ولده الإمام الحسين (عليه السلام)، وقيس بن سعد، وأبو أيوب الأنصاري، وأمر كلا منهم على عشرة آلاف، وهكذا عزم (عليه السلام) على الرجوع إلى صفين، بيد أنه استشهد بسيف الجهل الذي ضربه به ابن ملجم قبل انتهاء ذلك الأسبوع المصيري (3).
أجل، لم يبذل أمير المؤمنين (عليه السلام) جهوده لمقارعة الظالمين والغاصبين لحكومة الحق والعدل فحسب، بل لم يتردد لحظة واحدة في سبيل إقرار الحكومة الإسلامية العالمية.
وانتهج الأئمة (عليهم السلام) سيرته بعده أيضا. وأفضل دليل معبر عن ذلك هو أنهم استشهدوا جميعهم على أيدي حكام عصورهم (4).