أن أتنصل عن مسؤوليتي في مقارعة الظالمين. كلا، فما دام الناس يطيعونني، وما دمت قادرا على الجهاد، فإن علي قتالهم، لكي اعذر من نفسي أمام الله تعالى إذ أديت ما علي.
وفي ضوء ذلك، واصل الإمام (عليه السلام) جهاده في قتال الظالمين حتى الأيام الأخيرة من حياته الحافلة بالجهاد والنضال.
قال ابن أبي الحديد:
" خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذه الخطبة بعد فراغه من أمر الخوارج، وقد كان قام بالنهروان، فحمد الله وأثنى عليه وقال:
أما بعد، فإن الله قد أحسن نصركم، فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام، فقاموا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين، نفدت نبالنا، وكلت سيوفنا، وانصلتت أسنة رماحنا، وعاد أكثرها قصدا. ارجع بنا إلى مصرنا نستعد بأحسن عدتنا. ولعل أمير المؤمنين يزيد في عددنا مثل من هلك منا، فإنه أقوى لنا على عدونا.
فكان جوابه (عليه السلام) [آية كريمة تتحدث عن إصرار موسى (عليه السلام) على قومه أن يحاربوا عدو الحق ويسخروا الأرض المقدسة وهم لم يستجيبوا]: * (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين) * (1).
فتلكأوا عليه وقالوا: إن البرد شديد. فقال: إنهم [عدوكم] يجدون البرد كما تجدون.
فتلكأوا وأبوا، فقال: اف لكم، إنها سنة جرت. ثم تلا قوله تعالى [الذي يعبر