إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها فقال: يا سلمان أشهد الله أني سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، أما إنهم معي في الجنة.
ثم أقبل على علي عليه السلام فقال: يا أخي أنت ستبقى بعدي وستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإن وجدت عليهم أعوانا فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإن لم تجد أعوانا فاصبر وكف يدك ولا تلق بها إلى التهلكة، فإنك مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك، فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه. يا علي إن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة ولا ينازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله. ولو شاء لعجل النقمة وكان منه التغيير حتى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره. ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة دار القرار، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
فقال علي: الحمد لله شكرا على نعمائه، وصبرا على بلائه). انتهى.
* * وهكذا علم النبي عزيزته الزهراء ووصيه عليا الرضا والتسليم..
وهكذا كانت عبودية الانسان الكامل وإطاعته للخالق العظيم الحكيم، مطلقة من الشروط، بريئة من الذات، خالصة نقية من رواسب الطين.. فكان التكريم الرباني بمستوى تسليمهم المطلق لإرادته.. صلوات الله عليهم.