خلف رسول الله وهو جالس، وبلال يسمع الناس التكبير حتى قضى صلاته، ثم التفت فلم ير أبا بكر فقال: أيها الناس ألا تعجبون من ابن أبي قحافة وأصحابه الذين أنفذتهم وجعلتهم تحت يدي أسامة، وأمرتهم بالمسير إلى الوجه الذي وجهوا إليه فخالفوا ذلك ورجعوا إلى المدينة ابتغاء الفتنة، ألا وإن الله قد أركسهم فيها! أعرجوا بي إلى المنبر، فقام وهو مربوط حتى قعد على أدنى مرقاة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس: إني قد جاءني من أمر ربي ما الناس إليه صائرون، وإني قد تركتكم على الحجة الواضحة ليلها كنهارها، فلا تختلفوا من بعدي كما اختلف من كان قبلكم من بني إسرائيل.
أيها الناس: إنه لا أحل لكم إلا ما أحله القرآن، ولا أحرم عليكم إلا ما حرمه القرآن، وإني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ولن تزلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي هما الخليفتان فيكم، وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، فأسائلكم بماذا خلفتموني فيهما؟ وليذادن يومئذ رجال عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل، فتقول رجال أنا فلان وأنا فلان، فأقول أما الأسماء فقد عرفت، ولكنكم ارتددتم من بعدي، فسحقا لكم سحقا!! ثم نزل عن المنبر وعاد إلى حجرته، ولم يظهر أبو بكر ولا أصحابه حتى قبض رسول الله وكان من الأنصار وسعد من السقيفة ما كان). انتهى. وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة من هذه الحادثة، ظهر أبو بكر وأصحابه يدعون الناس إلى بيعته تحت التهديد بالقتل والحرق، وأعطوه لقب خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، وادعوا أن النبي أمره بإمامة الصلاة مكانه!!