قال: فلم يشعر الناس وهم في المسجد ينتظرون رسول الله أو عليا يصلي بهم كعادته التي عرفوها في مرضه، إذ دخل أبو بكر المسجد وقال: إن رسول الله قد ثقل وقد أمرني أن أصلي بالناس، فقال له رجل من أصحاب رسول الله: وأنى لك ذلك وأنت في جيش أسامة؟! ولا والله لا أعلم أحدا بعث إليك ولا أمرك بالصلاة! ثم نادى الناس بلال فقال: على رسلكم رحمكم الله لأستأذن رسول الله في ذلك، ثم أسرع حتى أتى الباب فدقه دقا شديدا فسمعه رسول الله فقال: ما هذا الدق العنيف فانظروا ما هو؟ قال: فخرج الفضل بن العباس ففتح الباب فإذا بلال، فقال: ما وراءك يا بلال؟ فقال: إن أبا بكر قد دخل المسجد وقد تقدم حتى وقف في مقام رسول الله، وزعم أن رسول الله أمره بذلك! فقال أو ليس أبو بكر مع جيش أسامة، هذا هو والله الشر العظيم الذي طرق البارحة المدينة، لقد أخبرنا رسول الله بذلك! ودخل الفضل وأدخل بلالا معه فقال: ما وراءك يا بلال؟ فأخبر رسول الله الخبر، فقال: أقيموني أقيموني، أخرجوا بي إلى المسجد، والذي نفسي بيده قد نزلت بالاسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن!! ثم خرج معصوب الرأس يتهادى بين علي والفضل بن العباس، ورجلاه تجران في الأرض، حتى دخل المسجد وأبو بكر قائم في مقام رسول الله، وقد أطاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الذين دخلوا، وأكثر الناس قد وقفوا عن الصلاة ينتظرون ما يأتي بلال، فلما رأى الناس رسول الله قد دخل المسجد وهو بتلك الحالة العظيمة من المرض، أعظموا ذلك.
وتقدم رسول الله فجذب أبا بكر من ورائه فنحاه عن المحراب، وأقبل أبو بكر والنفر الذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله، وأقبل الناس فصلوا