لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبل، وأيم الله إنه للامارة لخليق، وابنه بعده للامارة خليق، وهو من أحب الناس إلي، وإنهما أهل لكل خير فاستوصوا به خيرا فإنه من خياركم.
ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل بيته وذلك ليوم السبت، لعشر خلون من شهر ربيع الأول، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وآله، وفيهم أبو بكر وعمر، ورسول الله يقول: أنفذوا جيش أسامة، ودخلت أم أيمن وهي أم أسامة، فقالت: يا رسول الله لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل، فإن أسامة إن خرج على حالته هذه لم ينتفع بنفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أنفذوا بعث أسامة. فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا ليلة الأحد ورسول الله ثقيل مغمى عليه، فدخل أسامة على رسول الله وعيناه تهملان وعنده العباس عمه رحمه الله، والنساء حوله فتطأطأ إليه أسامة فقبله رسول الله صلى الله عليه وآله ورفع يديه إلى السماء ثم نصبهما إلى أسامة. قال أسامة: فعرفت أنه يدعو لي فرجعت إلى معسكري.
فلما كان يوم الاثنين جاء أسامة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أغد على بركة الله، فودعه أسامة، ورسول الله مفيق، فصاح أسامة بأصحابه وأمرهم باللحوق بالمعسكر، وبالرحيل. فلما متع النهار فبينا أسامة يريد أن يركب من الجرف أتاه رسول أم أيمن يخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله يموت، فامتنع عليه القوم! فتوفي رسول الله في ذلك اليوم حين زاغت الشمس، وهو يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، ودخل الناس من الجرف إلى المدينة، ولم ينفذوا لأمر رسول الله، ثم اضطربوا