الدنيا، فكانت هذه الخلال الكريمة من أنصار معاوية الداهية في الخلاف عليه. ولا نعلم بعد رسول الله فيمن سلف وخلف أفصح من علي في المنطق، ولا أبل ريقا في الخطابة. كان حكيما تتفجر الحكمة من بيانه، وخطيبا تتدفق البلاغة علي لسانه، وواعظا ملء السمع والقلب، ومترسلا بعيد غور الحجة، ومتكلما يضع لسانه حيث شاء. وهو بالإجماع أخطب المسلمين وإمام المنشئين، وخطبه في الحث على الجهاد، ورسائله إلى معاوية، ووصفه الطاووس والخفاش والدنيا وعهده للأشتر النخعي إن صح ذلك تعد من معجزات اللسان العربي، وبدائع العقل البشري. وما نظن ذلك قد تهيأ له إلا لشدة خلاطه للرسول ومرانته منذ الحداثة على الخطابة له والخطابة في سبيله.
ومنهم العلامة كمال الدين عمر بن أحمد بن هبة الله الشهير بابن العديم المتوفى سنة 660 في كتابه " بغية الطلب في تاريخ حلب " (ص 288 ط معهد تاريخ العلوم العربية في فرانكفورت سنة 1406) قال:
الفصل الثاني في بيان أن عليا عليه السلام على الحق في قتاله معاوية: لا خلاف بين أهل القبلة رضي الله عنه إمام حق منذ ولي الخلافة إلى أن مات وإن من قاتل معه كان مصيبا ومن قاتله كان باغيا ومخطئا إلا الخوارج فإن مذهبهم معلوم ولا اعتبار بقولهم.
وقال أيضا في ص 296:
أخبرنا السلار بهرام بن محمود بن بختيار الأتابكي إذنا وسمعت منه بالمزة من غوطة دمشق قال: أخبرنا الحافظ عبد الخالق بن أسد بن ثابت، قال: أخبرني أبو المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن البدن ببغداد، قال: أخبرنا قاضي القضاة أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسين إجازة، قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن أحمد الميكالي، قال: أخبرنا الحاكم أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله، قال حدثنا