على اليهود، وقد عجز سبعة من الصحابة بعد ذلك عن حمل هذا الباب الذي حارب به الإمام معركته مع مرحب!
وكان من عادته أن يخرج إلى ميدان القتل حاسر الرأس، لا يحتمي بالدروع ولا الحديد!
لهذا أحبه الرسول الكريم، حتى أنه قال ذات يوم لعمه العباس: والله يا عم لله أشد حبا له مني، وأن الله قد جعل ذربة كل نبي في صلبه، وجعل ذريتي من صلب هذا.
إنه انسان عاش في بيت النبوة، وتربى تربية دينية صافية، وأخذ من الرسول الكريم الكثير، أخذ عنه الجرأة، والشجاعة، الفصاحة، والمواقف الجادة، والخوف من الله، وكيف يتعامل مع الناس بالخلق الرفيع، حتى ورد عن الإمام قوله: سلوني عن كتاب الله ما شئتم، فوالله ما من آية من آياته إلا وأنا أعلم أنزلت في ليل أو نهار.
وكان يمشي في الطرقات بلا حراس ولا حجاب، إنما يعيش بين الناس كواحد منهم، يلبس الثياب الخشنة حتى لا يدفعه ذلك إلى الزهو أو الإعجاب بالنفس.
ولا أحد يعرف بالضبط ما كان سوف يكون عليه مسار التاريخ الإسلامي، لو تولى علي الخلافة في ظروف غير هذه الظروف، ولم تكن هناك الفتنة التي اشتعل أوارها في نهاية حكم عثمان رضي الله عنه، ولو تفرغ للفتوحات الإسلامية، ونشر قيم الإسلام ومبادئه، وهو من باب العلم كما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها.
لا أحد يدري ماذا ستكون عليه الحياة في ظل إمام له هذه الشجاعة وهذا العلم وهذا الحلم وهذه التقوى وهو يقود مجتمعا ييمم وجهه شطر الجهاد، ونشر نور الله في الأرض دون أن تستنفد قواه في الحروب الأهلية أو المشاكل الداخلية بجانب صراع الأفكار التي ضلت طريقها عن فهم روح الإسلام بأصالته وتسامحه وتوافقه