أبي الحديد، وإنما هو كتاب لغوي يفسر الكلمات الغامضة، مع أن الإمام محمد عبده كان يستطيع أن يبين كثيرا من القضايا الهامة في عالمي: الأدب والدين، ولكنه اكتفى بشرح المفردات، وقد طبع في بيروت ومصر، ومن الشراح المحدثين أيضا شرح الشيخ محمد حسن نائل المرصفي، وقد طبع في دار الكتب العربية بمصر. أما النهج فقد طبع عدة مرات في الهند وطهران وتبريز ودمشق ومصر. وأما عناية الكتاب والأدباء المحدثين بالنهج وتحليله، فهي كثيرة جدا لما للإمام في نظر المسلمين والنصارى من مكانة سامية.
رأي ابن أبي الحديد: (- 655): يرى ابن أبي الحديد أن النهج كله من كلام الإمام، ويرد على المنكرين لذلك بقوله: (إن كثيرا من أرباب الهوى يقولون إن كثيرا من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة، وربما عزوا بعضه إلى الشريف الرضي وغيره، وهؤلاء قوم أعمت العصبية أعينهم، فضلوا عن النهج).
آثاره الدينية:
خلق الإمام عددا كبيرا من القضايا والفتاوى والأحكام الشرعية في القضاء والفتيا والفقه، ولا عجب فقد كان من أقضى أهل زمانه، وأعلمهم بالفقه، وأجدرهم على استنباط الأحكام الشرعية من القرآن والسنة والعرف، وكان عمر بن الخطاب كلما وجد مشكلة دينية عويصة، أو قضية فقهية دقيقة، قال: (قضية ولا أبا حسن لها).
وكان (ع) بارعا بعلم الفرائض والمواريث الحساب، وذلك لأنه أكان صافي الذهن، ذا كاء وقاد وقريحة صافية، ولا أدل على ذلك مما روي عنه أن امرأة جاءت إليه وشكت أن أخاها مات عن ستمائة دينار، ولم يقسم لها سوى دينار واحد، فقال لها: لعل أخاك ترك زوجة وابنتين وأما واثني عشر أخا وأنت؟ فقالت:
نعم، قال لها: لقد أخذت حقك. وسئل مرة وهو على المنبر عمن ترك زوجة وأبوين وابنتين، فقال: صار ثمن الزوجة تسعا، وسميت هذه المسألة بالفريضة