الدين، فأنى حرتم بعد البيان، ونكصتم بعد الإقدام، وأسررتم بعد الإعلان، لقوم نكثوا أيمانهم، أتخشونهم، فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين، ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وركنتم إلى الدعة، فعجبتم عن الدين، وبحجتم الذي وعيتم، ودسعتم الذي سوغتم " فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد " ألا وقد قلت الذي قلته على معرفة مني بالخذلان الذي خامر صدوركم واستشعرته قلوبكم، ولكن قلته فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وبثة الصدر، ومعذرة الحجة، فدونكموها، فاحتقبوها مدبرة الظهر، ناكبة الحق، باقية العار، موسومة بشنار الأبد، موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة، فبعين الله ما تفعلون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون، وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فاعملوا إنا عاملون، وانتظروا إنا منتظرون.
وقال في رواية زيد عن أبيه، عن جده بعد نقل الخطبة: ثم انحرفت إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وهي تقول:
" قد كان بعدك أنباء وهنبثة * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب " " إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فاشهدهم ولا تغب " قال: فما رأينا يوما كان أكثر باكيا ولا باكية من ذلك اليوم.
ومنهم العلامة الشيخ عز الدين عبد الحميد بن هبة الله البغدادي الشهير بابن أبي الحديد في " شرح نهج البلاغة " (4 ص 78 طبع القاهرة) قال:
قال أبو بكر: فحدثني محمد بن زكريا، قال: حدثني جعفر بن محمد بن عمارة الكندي، قال: حدثني أبي، عن الحسين بن صالح بن حي، قال: حدثني رجلان من بني هاشم، عن زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، قال: وقال جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه قال أبو بكر: وحدثني عثمان بن عمران العجيفي، عن نائل بن بخيج بن عمير بن شمر، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام،